قانون التعاونيات 2025 والتشبيك


التعاونيات الزراعية ... ضرورة استراتيجية لا أنشطة تكميلية

{title}
راصد الإخباري -



 
م.ز فداء علي الروابدة
في عالم تتسارع فيه التحولات الإقتصادية والإجتماعية، لم يعد العمل الانفرادي مجدياً، ولم تعد الفعالية التنموية تُقاس بما يحققه فاعل واحد مهما كانت إمكانياته، بل أصبحت تُقاس بمدى قدرة الفاعلين على الاشتغال المشترك والتنسيق الاستراتيجي.
ومنذ عام 1995 تحتفل الأمم المتحدة باليوم العالمي للتعاونيات والذي حددته بيوم السبت الأول من شهر تموز/يوليو واعتبرته يوماً دوليا للتعاونيات إحتفالاً بإنشاء الحلف التعاوني الدولي وقد تم الإحتفال هذا العام 2025 بيوم التعاونيات العالمي تحت شعار "التعاونيات تبني عالماً أفضل”
لم تعد التعاونيات الزراعية مجرد إطار تكميلي أو نشاط جانبي في ظل التحديات الإقتصادية والبيئية المتزايدة التي يواجهها القطاع الزراعي، بل أصبحت ضرورة استراتيجية  وركيزة اساسية لتحقيق الأمن الغذائي، وتمكين المزارعين، وتعزيز التنمية الريفية المستدامة والمحافظة على البيئة.
إن ضرورة التعاونيات تتجلى في تمكين صغار المزارعين بإتاحة الفرصة  لصغار المنتجين في التجمع لزيادة قوتهم التفاوضية في السوق، وخفض تكاليف الإنتاج( تمكين اقتصادي)، والحصول على مدخلات بأسعار أفضل، وتدعم تحسين التسويق والوصول إلى الأسواق من خلال التعاون( تسويق جماعي)، يمكًن للمزارعين الوصول إلى أسواق جديدة، وتحسين جودة منتجاتهم ونقل المعرفة الزراعية الحديثة إلى أعضائها من خلال برامج تدريبية جماعية( بناء القدرات والتدريب والتأهيل) ، والحصول على اعتماد وشهادات جودة يصعب تحقيقها بشكل فردي (تحقيق أمن غذائي)، بالإضافة إلى تعزيز التنمية الريفية بخلق فرص عمل، وإعادة ضخ الأرباح إلى المجتمعات المحلية، مما يساهم في الحد من الهجرة من الريف إلى المدن عدا عن تحقيق الاستدامة البيئية عبر تبني ممارسات زراعية جماعية مستدامة تساهم في حماية الموارد الطبيعية ومكافحة تغير المناخ وتطبيق ممارسات جماعية تحافظ على المياه، التربة، والتنوع الحيوي مما يساعد في المحافظة على الاستدامة البيئية،كما تساعد التعاونيات بدعم الوصول إلى التمويل المالي والدعم الفني حيث أن البنوك والجهات الداعمة تميل إلى التعامل مع كيانات جماعية منظمة، والتعاونيات توفر هذا الإطار المؤسساتي
وحسب احصائية المؤسسة التعاونية الأردنية فانه يوجد في الأردن حوالي 348 جمعية تعاونية زراعية نسبة مشاركة النساء فيها منخفضة توعا ما  أما الدعم الحكومي المقدم فهو محدود لوجود البيروقراطية والتشريعات غير السلسة وبالمؤمل أن يخدم القانون الجديد بشكل أفضل  وإنجاز أكبر.
ومن أبرز بنود  هذا القانون إنشاء "صندوق التنمية التعاوني"تحت مظلة المؤسسة التعاونية، بهدف تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، خاصة الزراعية، عبر قروض ومنح،وتأسيس "معهد التنمية التعاوني  والذي يهدف إلى نشر الفكر التعاوني، وإعداد الكوادر عبر تدريب وتأهيل لأعضاء مجالس التعاونيات ،وتعزيز الحوكمة والرقابة بتنظيم آليات تأسيس، تسجيل، مراقبة التعاونيات، وحقوق الأعضاء، وحماية مواردهم، و تبسيط تسجيل التعاونيات والاتحادات الإقليمية بتسهيل الإجراءات واعتماد المعايير الدولية بحكم مبادئ الاتحاد التعاوني .وتنظيم التمويل الخارجي بتنظيم استلام المنح والقروض الأجنبية ضمن إطار قانوني واضح في المؤسسة التعاونية ،وتمكين المرأة والشباب وذوي الإعاقة لتعزيز مشاركتهم، وتشجيع إنشاء تعاونيات في المناطق النائية ، وتمثيل متوازن في مجلس إدارة المؤسسة التعاونية يضم الحكومة والقطاع التعاوني بنصفين متساويين، مع تمثيل لا يقل عن 3 نساء ،واعتماد تعريفات دولية تبني مبادئ الوقفية الواردة في توصيات العمالة الدولية (ILO 193) وميثاق الاتحاد التعاوني الدولي .
الجديد في هذا القانون انه صنف التعاونيات ليس كنشاط ثانوي، بل كركيزة اقتصادية مؤسساتية يُدخل أدوات تمويلية (صندوق) وتعليمية (معهد) متخصصة لأول مرة ويعزز الحوار والتعاون بين الحكومة والقطاع التعاوني، خصوصاَ بحضور المتجمعين من المرأة  والشباب ، ويضبط تنظيم التمويلات والمنح بمعايير جيدة ليفتح المجال للدعم الخارجي ضمن رؤية وقوانين واضحة وناظمة  ويدعّم الانفتاح والشمول في القطاع، عبر تمكين مختلف الفئات.
ومما واجب عمله لسرعة التنفيذ  الانطلاق الى خطة عملية شاملة وواقعية تحقق المرجو من القانون وتقتطف الثمار بأسرع وقت من خلال وضع اللوائح التنفيذية للصندوق والمعهد في أسرع وقت، وتدريب كوادر المؤسسة التعاونية على مبادئ الحوكمة والتمويل، وإطلاق تجريبي لصندوق التنمية بتمويل أولي ودفع منح صغيرة لتجارب نموذجية،وإطلاق حملات توعية واسعة لشرح القانون ومزاياه للمزارعين في المحافظات، ورصد مؤشر مشاركة المرأة والشباب والمعاقين بعد 12 و24 شهراً على أقصى حد.
خلاصة القول 
يمثل قانون التعاونيات الأردني الجديد لعام 2025 انطلاقة نوعية نحو قطاع تعاوني مؤسسي مؤثر، مدعوم بآليات تمويل وتدريب، مع حوكمة واضحة وشمول إذا طبّق بشكل فعّال، فإنه قد يحوّل القطاع الزراعي من نشاط تقليدي إلى قوة اقتصادية معززة للتنمية الريفية. ويجب على أصحاب القرار دعم تنفيذ هذة النقلة النوعية لما فيه خدمة للقطاع الزراعي ودعماً لتحقيق الامن الغذائي واستدامة البيئة
#دعم المزارع الأردني واجب وطني يفوق كل الواجبات لأنه الذراع الرئيسي للأمن الغذائي#