الحجايا يكتب : تعودّنا كذباً مُشبِع
راصد الإخباري -
بقلم : توفيق الحجايا
لا حاجة إلى مُبالغاتٍ لوصف موقف الأردن من قضية فلسطين، فالسجلّ التاريخي ينطق بالحق، والدماء المشتركة على تراب القدس تُجيب قبل الكلمات، لكن حين تُختَبر المبادئ، وتُستفزّ الكرامة، ويُطعَن في جهود إغاثةٍ تُنقذ أرواحًا تئنّ تحت الحصار، فلا بد للقلم أن يقف حيث يقف الحق، وأن يُزيح غبار الأكاذيب بكلمةٍ تُضاء كالشمس.
الملك القائد.. والفعل الذي يسبق الكلام
لم يكن مشهد جلالة الملك عبد الله الثاني وهو يقود طائرة الإغاثة الأولى إلى غزّة مجرد رمزٍ عابر، بل كان رسالةً إلى العالم: الأردن لا يرسل موفديه، بل يقدّم قادته أبطالًا، لم يكتفِ جلالته بخطابٍ في الأمم المتحدة، أو بيانٍ دبلوماسي، بل اخترق سماء الحرب حاملًا الخبز والدواء لأطفالٍ يموتون تحت القصف، هذه ليست "سياسة" تُحسب بميزان المصالح، بل هي "مروءة الهاشميين" التي تُدرّس في كتب التاريخ، ولا تُفهم بلغة المادّيين.
غزّة في ضمير الأردن.. ليست أرقامًا تُحسب
عندما يتحدّث الأردن عن دعم غزّة، لا يتحدّث عن "مشاريع إغاثة" تُعلَن في المؤتمرات، بل عن:
- 125 إنزالًا جويًا بكلفةٍ تجاوزت الملايين، تحمّلها الأردن من دم شعبه قبل خزينته.
- قوافل برية لم تتوقف رغم الصواريخ، تُنقل عليها المساعدات بحراسة القيم لا الجيوش.
- مستشفيات ميدانية تُبنى وسط الركام، وأطراف صناعية تُركب لأطفالٍ فقدوا أحلامهم قبل أطرافهم.
فكيف يُصدّق عاقلٌ أن من يحمل هذا العبء يسرق لقمة أفواه الجياع؟! إنها ليست إهانةً للهيئة الخيرية الهاشمية وحدها، بل هي إهانةٌ لكل أردنيٍّ حمل فلسطين في صلاته قبل صيحته.
الافتراء.. حين يُلبس الكذب ثوب الصحافة!
الموقع الذي اختار التشكيك بجهود الأردن من لندن، لم يُرسل أسئلته ليكشف الحقيقة، بل ليمنح أكاذيبه صفة "التحقيق". طلب الإجابة في 3 ساعات فقط! كأنما الحق يُختزل في مهلةٍ إعلامية، وكأنما دماء الشهداء الذين سقطوا على حدود غزّة لتوصيل المساعدات تُقاس بساعةٍ من الزمن!
لكنهم نسوا أن "الشمس لا تُحجَب بغربال"، وأن الأردن الذي دفع ثمن مواقفه منذ عبد الله الأول حتى اليوم، لا يُرهبه موقعٌ يختبئ خلف شاشةٍ في عاصمةٍ لا تعرف معنى الحصار.
فالأردن ليس "داعمًا" لفلسطين، بل هو جزءٌ من فلسطين، والهاشميون ليسوا "حلفاء" للقدس، بل هم حرّاسها الشرعيون. ومن يحاول تشويه هذه الجهود، فليعلم أنه لا يُشوّه مؤسسةً، بل يُشوّه تاريخ أمةٍ بأسْرها.
ولا ننسى هنا ما قدمة الجيش الاردني ببطولة لا تضع المصالح غاية، الى غزة هاشم حيث قدموا كل شيء تجود به النفس الى الاخوة هناك رغم كل الاخطار لم يتوقفوا.
لن ينتهي دور الأردن لأنّ موقعًا نشر افتراءً، ولن تتوقف إغاثة غزّة لأنّ جهاتٍ لا تعرف معنى العار اختارت أن تبيع كذبها بثمن بخس. فكما قال جلالة الملك:
"القدس ليست للمساومة، وغزّة ليست أرقامًا في تقارير".
حفظ الله الأردن.. هذا البلد الذي إذا خان الجميع مواقفهم، يُذكرك أنه ما زال هناك "رجالٌ لا يبيعون الدم بالدولار.







