تهويل القضية.. لمصلحة مَن تُهاجَم الصناعة الوطنية؟
راصد الإخباري -
اعتقد ان خبر مؤسسة الغذاء والدواء امس لم يكن موفقاً، فكان صادماً ومادة تناولها كل مغرض ومن لا يعرف هدف ولا مغزى فضُربت سمعة الصناعة الاردنية واصبحت موضع شك، لا بل هي من تستخدم مواد ليست في مكانها، في ظلّ حملة إعلامية مكثفة تستهدف قطاع الألبان والأجبان الأردنية، تبرز تساؤلاتٌ مشروعة:
لماذا يُبالغ البعض في تضخيم قضيةٍ تقنيةٍ تُدار وفقاً للمعايير العالمية، بينما تُهدَّد صادراتٌ وطنية تصل قيمتها إلى 50 مليون دينار سنوياً؟
وهل يُعقل أن تُستغلَّ هذه القضية لإلحاق الضرر بسمعة الصناعة الأردنية، في وقتٍ يعمل جلالة الملك عبدالله الثاني بجهدٍ دؤوب لجذب الاستثمارات وتعزيز الاقتصاد؟
بين التضخيم الإعلامي والواقع الفني
والبكي ان هذة الجهات الرقابية المختصة عادت واكدت، وعلى رأسها مديرية الغذاء والدواء، أن الحليب المستخدم في الصناعات المحلية ليس فاسداً، وأن استخدام الحليب البودرة في تصنيع الأجبان والألبان هو ممارسةٌ معتمدةٌ عالمياً، بل إن دولاً عظمى تستورد منها الأردن منتجاتها.
فلماذا يُصوَّر الأمر وكأنه جريمةٌ استثنائية؟ ولماذا لا تُوجَّه نفس الأسئلة لآلاف المنتجات المستوردة التي تحتوي على موادَّ ضارةٍ مثل الزيوت المهدرجة، والتي تُباع بحريةٍ في أسواقنا؟
إن انتقاء قضيةٍ واحدةٍ لتضخيمها إعلامياً، بينما تُتجاهل مخاطر صحية أخرى معروفة، يُثير الشكوك حول دوافع هذه الحملة.
فهل الهدف حماية المواطن، أم تقويض صناعةٍ وطنية تُشكل مصدر فخرٍ وعائداتٍ للدولة؟
ذاكرة التاريخ: عندما دمَّرت الإشاعات الاقتصاد
لا ينسى الأردنيون كيف أدت إشاعةٌ حول استخدام المياه العادمة في الزراعة قبل سنوات إلى مقاطعة دول الخليج للمنتجات الزراعية الأردنية لأكثر من عقد، رغم نفي الجهات الرسمية. اليوم، قد نكرر نفس الخطأ بتهويل قضيةٍ فنيةٍ تُدار بمعاييرَ علمية، ما يُهدد بكارثة اقتصادية جديدة.
الدفاع عن الصناعة.. ليس تبرئةً لأشخاص
ونؤكد هنا على أن هذا الكلام ليست دفاعاً عن أفراد، بل عن الاقتصاد الوطني، هو جوهر الموضوع. فالمتورطين، إن وُجدوا، ستتكفل بهم القضاء النزيه الذي نفتخر به. لكن تحويل الخطأ الفردي—إن ثبت—إلى وصمةٍ على صناعةٍ بأكملها، هو تعسفٌ يُكافئ الشعب الأردني بأسره بفقدان الوظائف وتراجع الاستثمارات.
ازدواجية المعايير: أين الرقابة على المستورد؟
إذا كان الحليب البودرة مضراً، فلماذا تُستورد منه آلاف الأطنان سنوياً لتصنيع منتجاتٍ تباع في أسواقنا؟ ولماذا لا تُمنع الزيوت المهدرجة والسكريات المسببة لأمراض القلب، والتي تُغرق بها الأسواق؟ هذا الانتقاء يُظهر أن المعيار ليس صحّة المواطن، بل الهجوم على الصناعة المحلية.
خاتمة: لنحمِ اقتصادنا من التضليل
الاقتصاد الوطني ليس رفاهية، بل خط دفاعٍ أول عن سيادة الدولة واستقرارها. الحملات الإعلامية المبالغ فيها، دون اعتبارٍ للتداعيات، تُضعف ثقة المستثمرين وتُشوّه سمعة الأردن. نطالب بــ:
1. وقف التضخيم الإعلامي، والالتزام بطرح القضايا التقنية بموضوعية.
2. تعزيز الرقابة على كل المنتجات ، محليةً ومستوردة، دون تمييز.
3. دعم الصناعة الوطنية كخيار استراتيجي، وعدم السماح بتدميرها بسبب صراعاتٍ غير معلنة.
فلنكن أوفياء لجهود جلالة الملك في بناء اقتصادٍ وطني قوي، ولنحمِ سمعة الأردن التي هي أغلى من أي مصفاةٍ إعلامية.







