آخر الأخبار

الوزير السابق ابو رمان : نعم نستطيع

راصد الإخباري :  

د. محمد ابو رمان 

منذ أعوام وهنالك ورشة إصلاحية بل تحديثية مستمرة بلا كلل ولا تعب في الجامعة الأردنية، لا تقتصر هذه الورشة على تجديد وتطوير البنية التحتية لتكون على درجة عالية من التطوّر والكفاءة بما يلتقي مع التكنولوجيا التعليمية وما وصلت إليه، بل تمتد هذه الورشة إلى مختلف المجالات التعليمية والعلمية، على صعيد تطوير قدرات ومهارات الأساتذة العاملين وتعزيز المجال البحثي في الجامعة، وعلى صعيد العمل المستمر لتطوير مخرجات التعليم ليكون الطلاب الخريّجين من الجامعة قادرين فعلاً على الاندماج في سوق العمل والمنافسة ليس فقط المحلية بل الإقليمية ايضاً.

كثير من طلاب الجامعة ومدرّسيها يشعرون بهذا الانتقال الكبير؛ بخاصة عندما نتحدث عن البنية التحتية والقاعات الصفيّة والمختبرات المتنوعة والمتعددة، فقد كانت قبل أعوام في حالة يرثى لها، يشكو الجميع منها، خارج نطاق العصر وبيئة طاردة للجميع، فيما اليوم تمّ تطوير وتحديث ما تصل نسبته إلى 75% من القاعات والغرف الصفية والمختبرات، وجعل نسبة كبيرة منها رقمية، عبر استدخال التكنولوجيا الحديثة وتعزيز وتقوية شبكة الانترنت في الجامعة، وتطوير العديد من المساقات التدريسية لتكون مساقات رقمية، ولا أبالغ بالفعل أن أقول بأنّ ما حدث بمثابة ثورة حقيقية على صعيد البنية التحتية لم نكن نتخيّل قبل أعوام أنّنا قادرون على تحقيق ذلك بهذا الوقت القياسي.

بموازاة ذلك بدأت الجامعة بتطوير مهم ونوعي على مهارات الطلاب في مجالات أساسية لا بد أن تتوافر لخرّيجي الجامعة، مثل تقوية مهارات اللغة الانجليزية كتابةً وقراءة، وعبر اتفاقية وتنسيق مع مؤسسة كامبريدج لضمان نوعية التدريس والمقررات ضمن المعايير المثلى، وتمّ استحداث ساعات معتمدة لمنهج جديد يسمى «الإعداد الوظيفي»، Employment Reediness، الذي يعني بإعداد وتجهيز الطلاب في جميع التخصصات إلى سوق العمل عبر تحضيرهم بالمهارات والمتطلبات الأساسية، مثل مهارات الاتصال والتقدّم إلى العمل وبناء الشخصية بحسب كل تخصص من تخصصات الجامعة.

في الأثناء تعمل الجامعة على الارتقاء على سلّم تصنيف الجامعات وتحسين مرتبتها بين الجامعات العالمية، وقد حققت قفزات كبيرة خلال الأعوام الماضية، وذلك ليس أمراً سهلاً يتطلب عملاً وجهداً مستمراً في كل عام، لأنّ التقييم مستمر والرقابة على الأداء متواصلة، والتنافس شديد مع الجامعات العالمية، بخاصة تلك التي تملك الموارد المالية وتحظى بدعم كبير ولديها إمكانيات علمية وسهولة بالوصول إلى المتطلبات، لكن مع الإصرار والتصميم والجهد الكبير لطاقم من أساتذة الجامعة المتخصصين والمميزين تمكنت الجامعة من وضع قدمها على الطريق الصحيح في التصنيفات الدولية، ويتابع الفريق المعني بالجودة والتصنيف مع جميع كليات الجامعة كي يضمن دخولها واعتمادها ضمن التصنيفات الدولية، إذ تم تصنيف أكثر من 25 برنامج لتكون من أفضل 500 جامعة في العالم، وأكثرها من أفضل 300 جامعة، وتم اعتماد 60 برنامجاً في الجامعة ضمن الاعتمادات العالمية.

من الضروري الإشارة إلى أنّ التصنيفات والاعتمادات الدولية اليوم باتت على درجة كبيرة من الأهمية في مجال التوظيف وإكمال الدراسات العليا، وأصبحت العديد من الشركات العالمية والمؤسسات الدولية والإقليمية وحتى الشركات الوطنية تسأل لمن يتقدمون إليها عن الجامعة وتصنيفها ومستواها عالمياً، فالاهتمام بمثل هذه القضايا لم يعد ترفاً أو مسألة ثانوية، بل صار جزءاً مهماً من سمعة أي جامعة وخرّيجها، ويتطلب جهوداً هائلة في مجال الإدارة والتعليم والتطوير الأكاديمي وجودة التعليم، والدخول في هذا التنافس وتحقيق نقاط كبيرة فيه بوقت قياسي أمر يدعو إلى الإعجاب والفخر..

ذلك كلّه يأتي في وقت لم تزد فيه مديونية الجامعة، بل أنهتها تماماً، ولم يبق إلاّ قرض صغير ينتهي العام القادم، بينما حققت الجامعة وفراً يقدر بـ6 ملايين في العام 2024، بينما زادت كمية التبرعات التي وصلت إلى الجامعة لتصل إلى 3 ملايين، ويجري حالياً العمل على إنشاء أبنية متطورة حديثة بملايين الدنانير من التبرعات الدولية والمحلية.

الخلاصة أنّ من يزور الجامعة الأردنية اليوم سيتفاجأ حقّاً بحجم الانتقال والتحول الكبير الذي حدث، وما يزال، منذ أعوام، والزبدة الرئيسية هي أنّنا نعم نستطيع أن نحدث التغيير إن أردنا ذلك وكان هنالك إيمان وإدارة وإرادة لتحقيق الأفضل، بدلا من الوقوف على الأطلال والتحسّر على مرحلة كانت تعتبر الأردن فيها «هارفارد المنطقة العربية»، ثم تراجعنا تعليمياً، وأصبح التعليم العالي في حالة يرثى لها، وذلك صحيح، باعتراف أحد أكبر الأساتذة والأكاديميين في الأردن، مثل محمد عدنان البخيت وعلي محافظة وغيرهم، لكن ما نراه اليوم هو دليل أنّ التغيير ممكن وحقيقي وجوهري لمن أراد العمل وأمن بالمهمة والرسالة وبحق البلاد والأجيال بالوصول للأفضل..