غَضَبُ اَلْمُلْكِ
راصد الإخباري -
توفيق الحجايا
وفي ظل التحديات الإقليمية المُعقدة، شهد لقاء جلالة الملك عبدالله الثاني مع المُتقاعدين العسكريين والمحاربين القدامى بالديوان الملكي الهاشمي، بمناسبة يوم الوفاء للمتقاعدين العسكريين والمحاربين القدامى، مواقفَ حاسمةً ولغةً غير مسبوقة من القيادة الأردنية، فقد عبّر جلالته عن غضبه من محاولات التأثير الخارجي على القرار الوطني، مُطلقاً عبارةً لافته وغير مسبوقة بقوله " انا لم اغير موقفي طوال 25 عاما ...عيب وبكفي"، في إشارةٍ واضحة إلى من يتلقون ألاوامرَ من خارج الحدود .
و جمع اللقاء، الذي حضره سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد و قادة الجيش والاجهزة الامنية و نخبةً من رفاق السلاح المتقاعدين، كتأكيدٍ على دورهم التاريخي في حماية الأردن.
وأكّد جلالته أن المُتقاعدين العسكريين ما زالوا جاهزين لارتداء الزي العسكري (الفوتيك) والوقوف إلى جانبه في مواجهة أي تحديات، سواءً أمنية أو سياسية و كما أشاد بتضحياتهم ودورهم في تعزيز مؤسسات الدولة، لافتاً إلى أنهم "بيوت خبرة" تُسهم في صياغة المستقبل .
و في أكثر اللحظات تأثيراً، انتقد جلالته و بشدة ما وصفه بـ"أشخاص داخل البلد يَأخذون أوامرَ من الخارج"، مُستنكراً هذا السلوك بقوله: "عيب عليهم"، هذه العبارة لم تكن مجرد تعبير عن غضب، بل تحمل دلالاتٍ عميقةً حول مخاطر الاختراقات الخارجية التي تهدد وحدة القرار الوطني، وقد فُسِّرت هذه الإشارة على أنها تحذيرٌ من محاولات إضعاف الموقف الأردني الثابت تجاه القضايا المصيرية، مثل القضية الفلسطينية، التي أعاد الملك تأكيد رفض الأردن القاطع لأي حلولٍ تُشرعِن التهجير أو التوطين أو "الوطن البديل" .
و منذ 25 عاماً، يُكرر جلالته نفس "اللاءات الثلاث": "كلا للتهجير، كلا للتوطين، كلا للوطن البديل"، مؤكداً أن هذا الموقف غير قابلٍ للمساومة . وخلال اللقاء، شدّد على أن استقرار الأردن وحماية أبنائه هو الأولوية القصوى، حتى في سياق النقاشات الدولية، مثل زيارته الأخيرة إلى واشنطن، حيث دعا إلى إعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين، وإلى حلّ الدولتين كطريقٍ وحيد للسلام .
لم يكن اللقاء مناسبةً للخطب الرنانة فحسب، بل شهد أيضاً حواراً مفتوحاً حول آليات دعم المُتقاعدين، وأشار الملك إلى أن رعاية هذه الفئة "واجبٌ وطني"، نظراً لتضحياتهم في الدفاع عن الوطن خلال مئوية الدولة الأولى .
و رغم اللهجة الحازمة، عبّر الملك عن تفاؤله بمستقبل الأردن، قائلاً: "نستمد قوتنا من شعبنا العزيز وقواتنا المسلحة واجهزتنا الامنية"، لكن رسالته الواضحة كانت: لا مساحة للتراجع عن الثوابت، ولا تسامح مع من يُهددون الوحدة الوطنية. فـ"عيب وبكفي" ليست مجرد كلمات، بل إنذارٌ أخير لكل من يحاول العبث بسيادة الأردن وقراره المستقل.
هكذا، يظل الأردن – بقيادة هاشمية وشعبٍ واعٍ – حصناً منيعاً في وجه العواصف، مُتسلحاً بإرثٍ من التضحيات ووضوحٍ في الرؤية.







