آخر الأخبار

مستقبل العالم بعد تطور الذكاء الاصطناعي

راصد الإخباري :  



 وجهة نظر شخصية.
د. أمجد عودة الشباطات 
---------------------------

مع التقدم الهائل الذي شهده الذكاء الاصطناعي، نواجه اليوم تساؤلات عميقة ومتنوعة حول شكل مستقبلنا ودورنا كأفراد في هذا العالم المتغير. من وجهة نظري ، أرى أن هذا التطور قد يؤدي إلى تحولات جذرية قد تساهم في إعادة صياغة حياة الإنسان ومكانته.

أولاً، ومع ازدياد قدرة الذكاء الاصطناعي على أداء مهام متقدمة ومعقدة، ستتضاءل الفروقات الفردية بين البشر، وقد يصل الأمر إلى اختفائها تمامًا. فما كان يُعدّ ميزة فردية كالإبداع والقدرة على التحليل، بات اليوم تحت تصرف الآلة التي تتعلم وتتطور بسرعة تفوق قدرات الإنسان العادي. وهذا يؤدي إلى تساؤل حول الحافز الذي سيدفع البشر نحو التطور؛ فإذا لم يكن هنالك اختلافات ملحوظة في المهارات والقدرات، هل سيظل هناك دافع للبشر لمواصلة تحسين أنفسهم وتطوير قدراتهم؟

ثانياً، سيتحول الذكاء الاصطناعي إلى عنصر أساسي في العديد من الوظائف، مما يعني أن الآلة ستبدأ تدريجيًا في احتلال مكان الإنسان. هذا التحول سيؤدي إلى إلغاء العديد من الوظائف التقليدية، مما سيزيد من نسب البطالة في الفئة التي لا تواكب التطور ويطرح تحديات اجتماعية جديدة، ستضطر المجتمعات إلى إعادة تعريف مفهوم العمل والقيمة الاقتصادية للفرد.

على صعيد آخر، ومع اختفاء فرص العمل التقليدية وتحول المجتمع إلى الاعتماد شبه الكلي على الذكاء الاصطناعي، أتوقع أن ترتفع نسب الأمراض النفسية. فعندما يشعر الإنسان بعدم وجود دور له أو قيمة تُبرز وجوده، قد يؤدي ذلك إلى ظهور اضطرابات جديدة، أو ما يمكن تسميته "أعراض الذكاء الاصطناعي” (AI Symptoms)، حيث يشعر الأفراد باضطراب نتيجة شعورهم بالتهميش من قبل الآلة. هذه الظاهرة قد تتطور لتشمل أعراضًا نفسية وذهنية غير مألوفة سابقاً وكلها تكون مرتبطة بالذكاء الاصطناعي.

كما قد يظهر تيار مناهض للذكاء الاصطناعي، حيث سيعتبره البعض تهديدًا للإنسانية ، مما قد يؤدي إلى تشكيل حركات اجتماعية ترفض الذكاء الاصطناعي وتحذر من مخاطره. هؤلاء المناهضون قد يسعون للحد من انتشاره أو حتى محاولة وقف تطويره لحماية ما يعتبرونه "إنسانية الإنسان”.

من ناحية أخرى، يُتوقع أن يشهد العالم تطورًا تقنيًا هائلًا في مجال تركيب الشرائح في الدماغ، بحيث يتم دمج الذكاء الاصطناعي مباشرة داخل العقل البشري. هذا التحول قد يؤدي إلى ولادة نوع جديد من البشر، مدمج مع التكنولوجيا، بحيث تتداخل الأفكار والقرارات البشرية مع قدرات الذكاء الاصطناعي، وهذا بحد ذاته سيخلق تجربة إنسانية جديدة .
أعتقد أن العشرة سنوات القادمة ستكون حاسمة وحاسمة جدا في تطور الذكاء الاصطناعي ويبقى السؤال: هل سنستطيع التكيف مع هذا المستقبل الجديد؟ وهل سنتمكن من المحافظة على هويتنا ككائنات بشرية، أم أننا سنتحول إلى جزء من عالم تقوده الآلة؟