آخر الأخبار

الرواية عظمت من انجازات المراة العربية

راصد الإخباري :  
 


راصد - الاردن
كتب عبدالله الحميدي

تواصل منصة السلع الثقافية نشر اوراق عمل الندوة (١٨)

وفي هذه السانحة نعرض لاوراق كل من الادباء  د.محمد المعايعة، وصالح الخصبه، واسمهان ربيحات، ومحمد التميمي،  وجميل التويجر ، وابتسام الزلابية وفي ورقة الاديب جميل التويجر، كتب يقول وضعت هذه الورقة البحثية المتواضعة بين أيديكم الكريمة، ويسرني نقدكم وملحوظاتكم. 

مع كل الشكر والتقدير لكل من اشرف واعد وقدم وساهم في هذه الندوة الثقافية الكريمة.

معالي المشرف الأعلى لملتقى السلع الثقافي الدكتور فيصل الرفوع الأكرم. 
عطوفة رئيس ملتقى السلع الثقافي الأستاذ غازي العمريين الأكرم.
أصحاب السعادة والعطوفة الإخوة والأخوات أعضاء ملتقى السلع الثقافي الأفاضل.
يطيب لي أن أضع ورقة العمل التي أعددتها بين أياديكم؛ لتكون موضع نقاشاتكم وآرائكم ومقترحاتكم تحت عنوان
{المرأة المناضلة في الرواية العربية المعاصرة} 
لم يكن وضع المرأة في الوطن العربيّ مختلفًا  عمَّا كان عليه في مناطق أخرى من العالم، حيثُ مرَّ هذا الوضع عبر التاريخ بمراحل من التمييز، مما أدى لخضوع المرأة لقُيود على حُقوقها وحُرّيَّاتِها. بعض هذهِ القُيود تأسَّست على المُعتقدات الدِّينيَّة، ولكنَّ العديد من هذه القُيود ترجع إلى الثقافة كما تنبع من العادات والتقاليد القبلية أكثر من كونها قائمة على المُعتقدات الدِّينيَّة. وتمثل هذهِ القُيود عقبة نحو حُقوق وحُرّيَّات المرأة، وتنعكس بالتالي على القوانين والتّشريعات المُتعلقة بالعدالة الجنائية والاقتصاد والتعليم وكذا الرّعاية الصّحيّة والمهنية.
ويقول زياد جيوسي :"
ولعلّ الرّواية العربيّة الحديثة لعبت دورًا في إظهار المرأة العربيّة في صورة مغايرة، فقد أصبحت المرأة شريكة للرّجل في تحمّل المسؤوليّة، امرأة إنسانة وليس سقط متاع، لم تعد مجرّد جسد ينظر إليه بشهوة ورغبة، بل أصبحت المناضلة والأمّ والشّريكة. وبشكل عام كانت صورة المرأة في الرّواية العربيّة تعتمد دومًا على خلفيّة الكاتب ووعيه وثقافته، والبيئة الّتي خرج منها وتأثّر بها. ولعلّ تغيّر الثّقافات وتأثير العمل السّياسيّ وانتشار الوعي والثقافة كلّها لعبت دورها في هذا التّغيير.
الكثير من كتاب الرّواية المعاصرين، وخاصة الّذين ارتبطوا بالعمل السّياسيّ والنّضاليّ، يقدّمون صورة إيجابيّة عن المرأة، تظهرها بدورها الحقيقيّ، مشاركة للرّجل في تحمّل المسؤوليّة، والدة ومناضلة وواعية ولها دورها في مناحي الحياة المختلفة. ويحضرني هنا دور المرأة الفلسطينيّة في رواية "ماء السّماء" للكاتب الفلسطينيّ يحيى يخلف، ففي هذه الرّواية الّتي تصوّر النّضال الفلسطينيّ قبل سقوط فلسطين في عام النّكبة 1948 وانتقال الشّعب مهجّرًا ومشتّتًا إلى أنحاء الدّنيا، أورد صورًا من دور المرأة في مرحلة نهاية الأربعينات، حيث الأمّ "العمّة حفيظة" الّتي ترعى المجاهدين، تتزنّر بالرّصاص وتقاتل معهم، تؤمّن لهم الذّخيرة والطّعام، تخرج بالأطفال لحمايتهم وتقوم بدور الرّجال وهم في خنادقهم وتنتظر قدومهم. وأبرز دور الشّابّة "بدريّة" في مخيّمات اللجوء، كيف تنتمي للعمل السّياسيّ وتشارك في المظاهرات، تتسلّل عبر الأزقّة لتلتقي المناضلين الّذين يختبئون من رجال الأمن، توجّه الرّجل المناضل حين تشعر بانحرافه عن هدفه قائلة: يحتاجك البسطاء والفقراء وأبناء المخيّمات فلا تبتعد عنهم.
وهذا النّموذج الإيجابي للمرأة برز أيضا في روايات الرّوائي الكبير حنّا مينا، إذ نجد نموذج "رئيفة" في روايته الذّئب الأسود، ونموذج "ييرانيك" في روايته الفم الكرزيّ. وبالكاد تخلو رواية له من أنموذج إيجابيّ يمثّل المرأة. وهذه الصّورة الإيجابية تكرّرت في العديد من الأعمال الرّوائيّة العربيّة المعاصرة، كما يمكننا أن نرى هذا النّموذج في شخصيّة "آسيا" في رواية وليمة لأعشاب البحر لحيدر حيدر.
لذا يمكننا أن نقول أن النّماذج الّتي أوردتها للرّواية العربيّة الحديثة المكتوبة بأقلام ذكوريّة، تطوّرت وتغيّرت فيها المفاهيم السّلبيّة تجاه المرأة، حتى أنّ الرّواية العربيّة تمكّنت من أن تتجاوز الكثير ممّا كتب في المراحل السابقة التي صورت المرأة: بـ"صورة نمطيّة مستهلكة، مستهجنة، مقهورة، منكسرة، سلبيّة".

لقد اعتنى كتّاب الرواية العربية بواقع المرأة، فقاموا بتصويرها في أوضاع مختلفة من خلال أعمالهم الروائية، تتناسب مع المستوى المتطور الذي وصلت إليه المرأة، لذلك اهتم كتّاب الرواية العربية بتصوير واقع المرأة، فإذا نظرنا إلى دلالة المرأة في بعض الروايات كأنموذج فني، نجد أن كل كاتب من كتّاب هذه الروايات قدّم أنموذجا ذاتي للمرأة وفق معايير خاصة نابعة من المجتمع من جهة، ومن الخلفيات الفكرية والثقافية للكاتب من جهة أخرى. لقيت المرأة اهتماما كبيرا من كتّاب القصة والرواية، نتج عنه تنوّع في الدلالات الفنية للمرأة في الرواية، فعلى غرار أن نموذج المرأة البطلة موجود في أغلب الروايات إلا أن المرأة كنموذج تحمل عدّة دلالات يوظّفها الكاتب من أجل توصيل قضايا وأفكار إلى القارئ . كما بنيت دلالة المرأة في الرواية العربية على جملة من الأفكار والأبعاد الرمزية، التي ارتبطت بفكر الكاتب ورؤيته الاجتماعية، ومن خلال الأوضاع الاجتماعية والنفسية التي تعيشها المرأة في المجتمعات العربية التي تقوم على السلطة الأبوية، حيث جسّد الكاتب صورا ودلالات مختلفة لموضوع واحد، ترجمت الواقع المعيشي المأساوي للمرأة. ومن هذه الصور والدلالات صورة المرأة الثّائرة ،صورة المرأة البدوية وصورة المرأة المعنّفة المقهورة وغير ذلك من الصور.
ولعل صورة المرأة في ثلاثية نجيب محفوظ، وامتدادات النموذج السوي للمرأة في الرواية الواقعية بُعيد ثورة سنة 1952.
وأن الثلاثية تمثل ثلاثة أطوار فكرية مر بها المجتمع المصري من حيث تكوينه السيسيولوجي والأيديولوجي: ف (بين القصرين) تمثل مرحلة الإيمان المطلق والخضوع الكامل له..ابتداء من الإيمان بالله في مجال الدين وبسعد زغلول في ميدان السياسة، وبالأب( البطريارك) في محيط الأسرة..فالتوحيد والإيمان هنا مطلق لا تشوبه شائبة شك.
و(قصر الشوق) تمثل مرحلة التردد بين الشك واليقين، الحيرة بين الدين والعلم. 
و(السكرية )تمثل الانتماء لموقف لا يحيد عنه الإنسان بالنسبة لكل القيم والمباديء
وتقدم الثلاثية في شبه إحصاء تسجيلي النماذج النسائية المختلفة التي زخرت بها القاهرة في نصف القرن الماضي بكافة مستوياتها الاجتماعية، وأثناء هذا المسح تقدم المرأة في جميع صور علاقتها بالرجل، تلك العلاقة التي ستظل المفتاح الرئيسي للحياة الإنسانية، ذلك أن المرأة ضرورة حتى لمن يعشقها.
وهي تُضيف إلى صور النماذج البشرية رصد بعض القضايا التي تخص المرأة وتتصل بها ومن ذلك وصف مشاركتها في ثورة 1919. وتثبت تاريخ دخول الفتاة الجامعة وسر إقبالها على كلية الآداب، وأنَّ العمل بداية للمساواة بين الرجل والمرأة. 
ومن خلال بعض النماذج الجديدة التي قدمتها الرواية العربية المعاصرة، والتي تبرز فيها صورة للمرأة ينبغي أن تسود، من حيث كونها إنسانًا يُشارك في بناء الوطن وصنع الحياة.
وإن تأخر ظهور هذه النموذج الإنساني المساوي للرجل دليل على أن الواقع لم يكن يقدم هذه الصورة، وحين بدأت التغيرات الاجتماعية والسياسية تطوروجه الحياة في المجتمع فواكب الفن الحياة، وبدأت الرواية تصور هذا النموذج وتقدمه. وإن كان دككهذا لا ينفي أن بعض الروائيين قد سبق عصره حين استشرف ملامح هذا النموذج الذي لا يتحقق إلا في إطار اشتراكي حر يعامل المرأة بنفس المقياس الذي يعامل به الرجل، وسوف تمضي حركة المستقبل إلى الأمام من أجل تطوير الحياة في الأدب، ومن أجل غد أكثر حرية للإنسان العربي: رجلًا..وامرأة.
وقبل الختام رأيت من الإنصاف أن أتطرق لصورة المرأة في الرواية الأردنية والتي لا تقل أهمية عن مثيلاتها من الروايات العربية، ففي هذا المجال يطيب لي أن أضع بين أياديكم قراءة نقدية للناقد د. سليمان الأزرعي فالرواية كما تعلمون شاهد على العصر دومًا. وفي هذا المجال 
اختار د. سليمان الازرعي رواية (إرادة الله) للأديب الأردني عقيل أبو الشعر، التي سجل وقائعها قبل قرن من الزمان في الدومينيكان، مبيِّنًا أن أبو الشعر الذي كان يوقع كتاباته بـ»عقيل النمر» أصدر واحدًا من طلائع الأعمال الروائية العربية الناضجة والناجحة بكافة المقاييس الجمالية. وأكد الأزرعي انَّ الرواية تعتبر الأقوى والأمتن والأكثر فنية من غيرها مما سبقها من موروث الأعمال الروائية العربية المبكرة، وبرهن على ذلك من داخل النص نفسه وأشار الى أنه درس الرواية من باب الإنصاف، وليس من باب الحماس خاصة وإن عقيل أبو الشعر قد حقق مأثرة إبداعية أردنية مبكرة، ومبكرة جداً. وهي من طلائع الأعمال الروائية الأدبية العربية المكتملة تماماً.وقال أن من بين روافع العمل الإبداعي لرواية أبو الشعر . هو موقف المؤلف إبداعيا من المرأة، ذلك الموقف التقدمي المبكر الواضح. ونلمس دفاعه الصادق عن ضحايا روايته، حيث دفع به هذا الموقف إلى أن يضحي بشيء من انتصاراته الفنية دون أن يدرك ذلك، مبينا أن المؤلف ينتقل من موقع الروائي يطل علينا من بين السطور ليلقي ما يشبه الموعظة، وذلك يعد بنظرنا وضمن مقاييسنا النقدية اليوم إصابات بائنة في العمل الأدبي الإبداعي عموما والروائي على وجه الخصوص.ورأى الازرعي في هذه الرواية ما وجده في أعمال حنا مينة الروائية على صعيد البناء الدرامي والإحاطة بالزمان والمكان وحركة الشخوص وتحريكها وهي رواية لا تقل فعلا عما حققته الأعمال الروائية الكبرى للمبدع اللبناني الفرنسي الكبير أمين معلوف من أمثال (سلالم الشرق) و(صخرة طانيوس) و(سمرقند) وغيرها!. وبخاصة أن تلك الأعمال الكبرى توقفت عند العناصر الرئيسية التي توقفت عندها رواية (إرادة الله) من حيث الزمان والمكان والخليط الاجتماعي والثقافي لشعوب وأعراق تجمعت على أرض الشرق، ولكنها هنا كانت تحديدا في فلسطين فهي تدخل إبداعيا في التاريخ الاجتماعي. كما هي أعمال (حنا مينة) و(أمين معلوف)؟! وهو الميدان الأكثر إخصابا للرواية ولأي إبداع آخر..
وختامًا إن  المتأمل لهذا العدد الكبير من الروائيات العربيات في العصر الراهن يؤكد حضورًا بارزًا للمرأة العربية في مجال الإنتاج والإبداع، ويدل دلالة واضحة على دور المرأة العربية ومساهمتها في تطور الأدب العربي وخاصة الرواية العربية، كما يعكس الانفتاح الملحوظ للمرأة العربية على المستجدات في ساحة الأدب العالمية، إضافة إلى اتساع نطاق الحرية للمرأة العربية في العالم العربي.

وفي ورقة الاديبة ابتسام الزلابية، كتبت ما يلي

في نهاية القرن الماضي (١٨) واجهت المنطقة العربية أحداثا عنيفة ووقائع كبيرة وحتى أوائل القرن العشرين والتي هزت كيان الشعب وبنيان المجتمع والتي أدت إلى أيقاظ الشعب والمجتمع العربي من سباته العميق. ومن هذه الأحداث، الحملة الفرنسية على مصر في نهاية القرن الثامن عشر، واستئثار محمد علي باشا بحكم مصر، والتدخل الأوروبي بشؤون الشرق العربي.

وتسببت هذه الأحداث في النهضة التي أثارت ثورة ثقافية، وطبعًا لم تكن المرأة بمعزل عنها، فتأثرت بها، فقام الكُتاب والمصلحون ينادون بإصلاح أمر المرأة وتعليمها وإعدادها لتقوم بمهمة تربية الأولاد، فدعا رواد النهضة إلى تحرير المرأة العربية، وكان في طليعتهم رفاعة الطهطاوي (1801 – 1873م) الذي يمثل أحد مؤسسي النهضة الحديثة، فكان يرى أن تطور المجتمع ورقيه يعتمد على تطور المرأة ورقيها .ودعا خير الدين التونسي الذي كان صدرًا أعظم في الأستانة، إلى ضرورة تعليم البنات، وهكذا نادى بها أحمد فارس الشدياق الذي عاش في لبنان ثم في تونس والأستانة، واعتقد أنه يمكن حل مشاكل المرأة عن طريق تعليمها وتربيتها. وكان الأديب اللبناني بطرس البستاني من أبرز الدعاة إلى تعليم المرأة وتحريرها، فقال إن إصلاح العالم يبدأ بإصلاح المرأة. وقد أثرت جميع هذه النداءات والدعوات والآراء والنظريات تأثيرًا كبيرًا في تغيير مسار حياة المرأة العربية، وفي مسيرة تحريرها، فتغيرت وجهة نظر المجتمع العربي في المرأة، وشجع المنظمات والجمعيات الاجتماعية والسياسية التي كانت تهتم بقضايا المرأة ومشاكلها، وإن هذه الدعوات قد مهدت الطريق في إنشاء جمعيات نسائية كافحت في سبيل حصول المرأة على حقوقها وحريتها.

فقامت المرأة العربية بتحليل مشاكل المرأة الإجتماعية وتقديم الحلول في قالب الأدب.

المرأة العربية في إثراء الرواية العربية

لا يخفى على أحد أن المرأة العربية لعبت دورا هاما في إثراء الأدب العربي خاصة في فن القصص والرواية. ويثبت بالتاريخ أن المرأة قد واجهت مشاكل كثيرة وتحديات عظيمة في دخول مسيرة الأدب مثل الرجل. لما نحلل أسباب وراء تخلف المرأة في مجال الأدب العربي فنجد عوامل كثيرة بما فيها حرمانها من التعليم والثقافة بسبب عراقيل إجتماعية والأفكار السلبية التي سائدة على المجتمع ضد المرأة. ولكن قام من هذا المجتمع بعض أهل العلم مثل طه حسين في مصر الذي قام بإرشاد المرأة إلى الجامعات العربية المصرية وحصول التعليم العالي فيها في عام 1932، والتي أدت إلى تثفيهن وتزويدهن بالعلوم العصرية العالية مع العلوم الدينية الراسخة.

كانت المرأة العربية تعرف منذ زمان الجاهلية في مجال الشعر حسب تقاليد ذالك العصرالجاهلي. وعرفها الناس بالشاعرة فقط ولكن تغير هذا التعريف مع مضي الأيام ووجدت تسهيلات للحصول على التعليم في فنون الأدب المختلفة مثل القصص والرواية المسرحية.

وعندما اتجهت المرأة العربية إلى التعليم خلال القرن التاسع عشر فتحسّن وضعها في المجتمع، وإنها خرجت من ظلام الجهل والانحطاط، وازداد شعورها بذاتها، في حين شارك الرجال في قضايا البلاد والمجتمع، ومن ثم تطور فن الطباعة، وانتشرت الصحافة، مما هيَّأ الظروف لبداية المرأة العربية رحلتها الإبداعية القصصية وإن لم تكن بمعناها الفني الحديث في البداية.

وجدير بالذكر أن الأقطار العربية لم تعرف فن الرواية في زمن واحد بل في أزمان متباينة ومتباعدة، ونتيجة للظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية الخاصة بكل بلد عربي. وفن الرواية لايستجيب له بلد ما زال اقتصاده يقوم على الرعي أو الصيد، بما أنه يحتاج إلى مناخ اقتصادي واجتماعي وثقافي يأخذ بأسباب التطور والمدنية، وينأى عن الركود والثبات والانغلاق، ويتجه إلى تطوير علاقات إنتاجية وإعادة النظر في جملة قيمه.

كانت مصر من بين الدول العربية أكثر نضوجا لتبنّي الحركة الفكرية الحديثة واحتضانها، وقد قام المهاجرون اللبنانيون إلى مصر، بدور كبير في تطور الأدب العربي الحديث، وصارت مصر ملجأً للأدباء البارزين، منهم جورجي زيدان، ويعقوب صروف، وسليم البستاني، وسليمان البستاني، فأفسحت هذه الهجرة المجال أمام المرأة المصرية أيضا، فدخلت المدارس الحديثة، وأقبلت على البعثات العلمية، كما يكتب محمد جميل بيهم مؤرخ وداعية إصلاح عربي لبناني في كتابه "المرأة في الإسلام وفي الحضارة الغربية” "أدّى اختلاط المصريين بضيوفهم زمنًا إلى تطور أفكارهم، فشرعوا من ثم يتسامحون تدريجيًا بإدخال أولادهم، الذكور والأناث، المدارس الأجنبية، فضلًا عن إقبالهم على البعثات العلمية لأوروبا، ومنذ ذلك بدأ يُسمع في مصر صرير أقلام الجنس اللطيف، ولكنها كانت أقلام سوريات، أينعتها تربة مصر الخصبة”.

وهذا ما تؤيده الناقدة الشهيرة إيمان القاضي فتعتقد أن الكاتبات اللبنانيات تحتل مكانة ريادة الرواية النسوية، "فقد صدرت الرواية الرائدة عام 1895م للكاتبة المتميزة زينب فواز اللبنانية الأصل، والتي كانت تقيم في مصر آنذاك، وقد أسمتها "حسن العواقب أو غادة الزاهرة”[2]، ولكن يعارض الاديب العماني نزيه أبو نضال هذا الرأي، فيرى أن "أول رواية كانت لعائشة التيمورية وهي "نتائج الأحوال في الأقوال والأفعال” الصادرة عام 1885م، وليست رواية "زينب” لمحمد حسين هيكل، ولا رواية زينب فواز، ثم تلت رواية التيمورية رواية أليس البستاني بعد ست سنوات أي عام 1891م، فرواية "بهجة المخدرات” لفريدة عطية من لبنان عام 1893م، ثم رواية المصرية عفيفة أظن "فابيولا” عام 1895م، تلتها بعد ذلك رواية زينب فواز عام 1899م، ليصبح عدد الروايات النسائية خمس روايات حتى عام 1899م”[3]. ولكن يرى أنور الجندي أن "أول امرأة كتبت كانت مدام منصور مشكور في مجلة "الجنان” عام 1874م”.

كما نجد آراء متباينة في تحديد كتابة المرأة العربية في العصر الحديث، فيرى بعض النقاد والدارسين أن بدايتها كانت في أواسط القرن التاسع عشر؛ لأننا لا نعرف شيئًا عن نتاجات المرأة المنشورة قبل ذلك، بينما يعتقد البعض الآخر من الدارسين أن بدايتها كانت في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، فمما سبق وصلت إلى أن باكورة إنتاجات المرأة برزت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، التي تتمثل بالرواية الأولى لعائشة التيمورية "نتائج الأحوال”، ثم "تتابعت الروايات النسوية لبصل عددها منذ بدايتها عام 1885م، وحتى عام 2003م، إلى 1118 رواية نسوية على امتداد 119 عامًا، وبأقلام 529 كاتبة عربية”. By

حينما طلعت شمس القرن العشرين بدأت النتاجات الروائية للمرأة العربية تصدر متتالية، فنُشرت "في مصر عام 1903م رواية خديجة بيرم وه"أليس”، كما أصدرت اللبنانيتان لبيبة هاشم وزينب فواز على التوالي "قلب الرجل” عام 1904م، و "الملك كورش” عام 1905م، لكن من القاهرة أيضًا، كما أصدرت اللبنانية عفيفة كرم روايتين في نيويورك عام 1906م. وفي سوريا صدرت أول رواية نسوية عام 1909م، وهي "حسناء سالونيك” للبيبة صوايا. وكانت الرواية الأولى في العراق بتوقيع مليحة إسحق التي صدرت عام 1948م وطُبعت في لبنان. وقد بلغ عدد الروايات النسوية التي صدرت بين عام 1885 – 1948م، 54 رواية، طُبع منها في القاهرة 32 رواية مما يدل على مركزية مصر في العالم العربي.

وصلت من خلال خلفالدراسات السابقة الي أن بداية الرواية النسوية كانت مقتصرة تقريبًا على مصر ولبنان في أول الأمر، ثم امتد نطاقها بسرعة هائلة إلى الدول العربية الأخرى، "فأصدرت سلمى الحفار الكزبري عام 1949م في دمشق "يوميات هالة”، وفي نفس العام أصدرت رواية "فتاة بغداد” و "ليلة الحياة” ثم رواية "بريد القدر” عام 1950م، كما أصدرت وداد السكاكيني من دمشق أيضًا روايتها الأولى "أروى بنت الخطوب” عام 1950م، و "الحب والحرام” عام 1952م. وفي العراق أصدرت حربية محمد عام 1953م رواية "جريمة قتل” ثم "من الجاني” عام 1954م، تلتها ناجية حمدي في روايتها "4نساء” عام 1955م، وأصدرت المغربية أمنة اللوة رواية "الملكة خناثة” عام 1954م.

نجد مدى الرواية النسوية يتسع في العالم العربي، فصدرت رواية "أنا أحيا” للروائية ليلى بعلبكي عام 1957م، فبشرت بتغير كبير في السرد النسوي العربي، حيث أعلنت بعلبكي في هذه الرواية ثورة الفتيات العربية ضد واقعهن الراهن، وفراغ الحياة، وضد طريقة تفكير المجتمع في المرأة. وفي العام نفسه صدرت روايتان عن نكبة فلسطين وهما: "فتاة النكبة” لمريم مشعل من الأردن، و”صوت اللاجىء” لهدى حنا من دمشق، ثم يأتي دور كوليت خوري من سوريا فتُصدر رواية "أيام معه” عام 1959م، وفي نفس العام تُصدر هيام نويلاتي من سوريا أيضًا روايتها "في الليل” مما يدل على أن سوريا أخذت تتواصل منذ الستينات مع عالم الرواية النسوية العربية الذي بقي لفترة طويلة حكرًا على مصر ولبنان تقريبًا.

حينما نحلل الأدب النسوي فنجد أن الرواية النسوية في الدول العربية الأخرى في هذه الفترة ما زال تواجه كثيرًا من مشاكل وصعوبات فنية، فقد بدأت السعودية مثلًا بداية رحلتها الروائية النسوية في الستينات، ولم يزد عددها حتى بداية الثمانينات على عشر روايات. وفي الكويت ظهرت الرواية الأولى عام 1971م وهي رواية "وجوه في الزحام” لفاطمة يوسف العلي، ثم صدر بعدها أربع روايات كان آخرها "المرأة والقطة” عام 1985م للكاتبة ليلى العثمان. وأما في الدول الغربية من العالم العربي فما زال الإبداع الروائي النسوي ضئيلًا، "ففي الجزائر، أصدرت أسيا الجبار روايتين بالفرنسية "العطش” عام 1957م، ثم "النافذة والصبر” عام 1958م. و”كما أصدرت زهور ونيسي رواية بالعربية حملت اسم "من يوميات مدرسة حرة”. "ولم صدر في ليبيا حتى منتصف الثمانينات سوى ثلاثة أعمال روائية نسوية، نُشر أولها عام 1972م وحملت اسم "شيء من الدفء” للروائية مرضية النعاس. كما صدرت في السودان رواية واحدة لملكة الدار عبد الله، نُشرت عام 1974م بعنوان "الفراغ العريض”. وفي اليمن صدرت رواية واحدة أيضًا في أوائل السبعينات "ضحية الجشع” لرمزية عباس الأرياني”.

وأما في مصر فقد "تواصل النتاج النسوي في هذه الفترة (1949 -1967م) مع أسماء هامة: بنت الشاطىء، وأمينة السعيد ، ولطيفة الزيات، ونوال السعداوي. ومن لبنان: هند سلامة، وليلى بعلبكي ، وليلى عسيران.

شهدها العالم العربي بعد كارثة حزيران التي  وقعت في عام 1967م نجد في الساحة الأدبية تطورًا كبيرًا وتصاعدًا ملحوظًا من حيث العدد والنوع، وعلى وجه الخصوص بين أعوام 1967 – 1973م؛ لأن نحو 89 رواية نسوية قد صدرت في هذه الفترة، وبعد ذلك ازدادت نشاطات المرأة في العالم العربي وازدهرت مهاراتها وتطورت كتاباتها نتيجة تأثيرات النشاطات العالمية والعربية التي اهتمت بقضايا المرأة في الفترة بين 1974- 1991م. "وقد بلغ مجموع ما صدر في هذه السنوات نحو 386 رواية في مختلف الأقطار العربية، مما يبشر بقوة الانطلاقة العامة في مجال الرواية النسوية العربية. هذه الانطلاقة ظهر أثرها في الفترة بين 1992- وحتى 2003م إذ صدر خلالها نحو 873 رواية نسوية. وتجدر الإشارة هنا إلى أن كثيرًا من الكاتبات توقفن عن الكتابة بعد روايتهن الأولى نتيجة ظروف مختلفة، لكن قسمًا كبيرًا منهن واصلن الكتابة دون توقف وتردد مثل نوال السعداوي، ولطيفة الزيات، ورضوى عاشو ونور أمين. وفي الدول العربية الأخرى نجد زهرة عمر من الأردن. وميسور صقر وباسمة يونس من الإمارات. وفوزية رشيد من البحرين. وبدرية الشحي من عُمان. ودلال وشعاع خليفة من قطر ، وعزيزة عبد الله من اليمن. وملكة الفاضل عمر من السودان. وشريفة القيادي، ومرضية النعاس من ليبيا. وآمال مختار من تونس. وأحلام مستغانمي من الجزائر وغيرهن كثيرات.

الخاتمة
ومما سبق وصلت إلى النتيجة أن هذا العدد الكبير من الروائيات العربيات في العصر الراهن يؤكد حضورًا بارزًا للمرأة العربية في مجال الإنتاج والإبداع، ويدل دلالة واضحة على دور المرأة العربية ومساهمتها في تطور الأدب العربي وخاصة الرواية العربية، كما يعكس الانفتاح الملحوظ للمرأة العربية على المستجدات في ساحة الأدب العالمية، إضافة إلى اتساع نطاق الحرية للمرأة العربية في العالم العربي.

وجاء في ورقة الاديب صالح الخصبه

 ثمة دراسات تتفاوت في نظرتها للمرأة العربية في الرواية المعاصرة  من حيث مكانتها ورمزيتها ومعطياتها الإنسانية التي وبكل تأكيد لا تقل شأنا عن الرجل العربي المناضل والمكافح وقوام الأسرة بما اوكل له من مهام بنيوية ذكورية تحفظ البناء الأسري وتقوم على دعامته .
إن ألمح الصور للمرأة تتجسد في طبيعة تكوينها الفسيولوجي الذي بنيت عليه ليتلائم مع طبيعة المهام التي خلقت لأجلها والدور الإنساني الذي هو امتداد لدور الرجل في التربية والتنشئة والإعداد لجيل قادر على استمرارية الحياة بطبيعتها كما أرادها الخالق .  
وما من شك أن الصورة النمطية للمرأة في بعض الروايات العربية تتداخل بين المرأة التقليدية التى كانت سائدة في المجتمعات الذكورية  والتي تجرّد المرأة من ملكاتها الفكرية والذهنية وتحجبها عن المشاركة الفاعلة في الأدوار المثله التي اقتصرت على الرجل والرجل وحده . تلك هي المرأة المضبوطة على التلقين والنواهي والأوامر والمنوطة فقط في تمثيل البيت عرفيا ولا تتجاوز حدوده إلا بأمر ، المرأة التي تتقبل النقد وتنفذ دون الحق في إبداء الرأي وحتى المشورة ، المراة القلقة المضطربة التائهة المقهورة والمنفعلة والمتعبه والسلبية والعدمية والذليلة التي تفقد الأمان بجرة لسان منفعل والفاقدة للحقوق في أغلب الأحيان .

قد ألحقت بعض رواياتنا العربية هذا التصور المبتور للمرأة التي هي مناط البحث في ورقتي هذه والتي أحاول جاهداً إلى إلقاء الضوء على مدخلاتها ومخرجاتها تبعا للعصر الذي عاشته وطبيعة المجتمع السائد وثقافة الروائي ومكتسباته ومورثاته الثقافية ، فهي لا تتجاوز في هذا المنظور السلطوي ، والتبعية المفرطة ، جسدا وملكية خاصة يحرم الاقتراب منها تبعا للعادات والتقاليد والأعراف التي تجمد الانطلاقة التحررية من هذه الروابط المجتمعية ، ليقتصر دورها على شريك أسري بعقد زواج .
إن المجتمعات العربية المتواترة ، مرهونة بطبيعة الحال لهيمنة الرجل ونظرته السلبية لنصف هام يشكل قاعدة متينة بين الرجل والمرأة ، والاخلال بأي منهما هو إخلال في التركيبة البشرية التي هي امتداد حياة سوية تصون الحقوق وتكفل الواجبات .

ومع إدراكنا وقناعتنا بأن الأدب العربي شعره ونثره ورواياته تجسد المرأة تجسيداً عاطفيا ورومنسياً وأنها الحبيبة والعشيقة وملهمة الكتّاب والشعراء ، فإنها لا تزال في النطاق الضيق المرأة الفراغية المنطوية التي تدار بالسلطة وتحفز بالزواجر .
نعم أنها ثقافة الأسْر ونتاج العبودية ، ونتاج الفكر الذي يرزخ تحت مقولة « كان أبي » ، « وأنا إبن جلا وطلّاع الثنايا » ضف الى ذلك النعوت التي يمتاز بها الرجل عن المرأة من كونه الفارس المغوار والحاكم والطبيب والسيد والملقن والقوي العتيد .
ولكن البعد الروائي الآخر ، يخرج بنا من دائرة الاستملاك الى دوائر أكثر إتزانا وعقلانية للمفهوم الحصري لنمطية المرأة العربية ، فينقلنا نقلة نوعية الى الوعي الادراكي والحسي بوجود شريك أنثوي يفوق تخيلاتنا وتصوراتنا ومنطق تفكير الكثيرين ممن اجحفوا بحق الإنسانة المكافحة والمنضالة والأم التي لا تقوم الحياة بدونها .

وفي ورقة التربوي محمد التميمي ما يلي

اقدم التحية والتقدير لراعي ندوة ملتقى السلع الثقافي الثامنة عشرة.. معالي الأستاذ سميح المعايطة والتحية للمشرف الاعلى للملتقى معالي الأستاذ الدكتور فيصل الرفوع والتحية والتقدير لسادن الملتقى الأستاذ غازي العمريين ..

 شرف لي ان اشارك في هذه الندوة التي هي بعنوان  *صورة المرأة العربية المناضلة في الرواية المعاصرة*  

لقد وجدت وصفا للمرأة العربية المناضلة في الرواية المعاصرة في كثير من الأعمال للأدباء والمثقفين حيث ان البعض منهم يعتبر المرأة المناضلة هي التي تقاوم الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين او من قاومت الإستعمار وتوابعه حيث كان. ومن وجهة نظر اخرى وجدت وصفا للمرأة المناضلة التي تدافع عن حقوق المرأة ومساواتها ودورها في الحياة لتأخذ طريقها في العمل والدراسة واعتلاء المناصب ومنهم من اعتبر نضال المرأة في الأهتمام بأسرتها تكابد الظروف المعيشية القاسية أو اللاإنسانية في بعض الدول ربما اعتبر البعض النضال للمرأة في صور انجازات لطبيبة ماهرة او مهندسة بارعة او أستاذة جامعية او شاعرة او مثقفة مبدعة.
ولعلّ الرّواية العربيّة الحديثة لعبت دورًا في إظهار المرأة العربيّة في صورة مغايرة، عن قبل  فقد أصبحت المرأة شريكة للرّجل في تحمّل المسؤوليّة، امرأة إنسانة وليس سقط متاع، لم تعد مجرّد جسد ينظر إليه بشهوة ورغبة، بل أصبحت هي  المناضلة والأمّ والشّريكة. وبشكل عام كانت صورة المرأة في الرّواية العربيّة تعتمد دومًا على نظرة الكاتب او الروائي .
 وجدت الكثير من كتاب الرّواية المعاصرين، وخاصة الّذين ارتبطوا بالعمل السّياسيّ والنّضاليّ، يقدّمون صورة إيجابيّة عن المرأة، تظهرها بدورها الحقيقيّ، مشاركة للرّجل في تحمّل المسؤوليّة فهي : والدة ومناضلة وواعية ولها دورها في مناحي الحياة المختلفة. ويحضرني هنا دور المرأة الفلسطينيّة في رواية "ماء السّماء" للكاتب الفلسطينيّ يحيى يخلف
وهذا النّموذج الإيجابي للمرأة برز أيضا في روايات الرّوائي الكبير حنّا مينا، إذ نجد نموذج "رئيفة" في روايته الذّئب الأسود، ونموذج "ييرانيك" في روايته الفم الكرزيّ. وبالكاد تخلو رواية له من أنموذج إيجابيّ يمثّل المرأة
كما يمكننا أن نرى هذا النّموذج في شخصيّة "آسيا" في رواية وليمة لأعشاب البحر لحيدر حيدر.
وفي دراسة للدكتور طه وادي بعنوان ( صورة المرأة في الرواية العربية) ، تناول بالدراسة والتحليل التغيرات السياسية والاجتماعية والفكرية والأدبية التي انعكست في الرواية باعتبارها وثيقة الصلة بالواقع كما
اتضح أيضًا من التطور الفني لصورة المرأة في الرواية ، وهي  محاولة الروائي إظهار المرأة كإنسان حر، يُساهم في بناء الوطن علي قدم المساواة مع الرجل
وهنا نرى الدكتور طه حسين اعتبر المرأة  من القضايا الجوهرية التي ناضل من أجلها عميد الأدب العربي. فقد كان حريصًا على أن تنال المرأة في مصر حريتها وحقها في التعليم وتقرير مصيرها  ولقد وجدت ضمن روايات الكاتب الكبير نجيب محفوظ الكثير من صور المرأة المناضلة على الرغم من عدم وجود رواية نسائيّة بالمعنى الكامل ضمن رواياته ، إلا أن الأنثى كانت المحرك الأساسي للأحداث في معظم رواياته، والحقيقة أنه الكاتب الوحيد الذي أجاد الحديث عن المرأة(حميدة في  زقاق المدق ،ونفيسة في  بداية ونهاية وزهرة في ميرامار)
لو استعرضنا النساء المناضلات في الوطن العربي لوجدنا امثلة نرفع لها القبعات في الأردن  وفلسطين والعراق وسوريا ولبنان ومصر والمغرب العربي والخليج العربي ويصعب الحديث  أسماء بعينها حتى لا نغفل عن أمجاد اخرى تتحدث عن نضال المرأة السياسي والثقافي والاجتماعي والنضال من أجل الحرية والحياة. 
كل الشكر والتقدير لجميع الأخوة  والأخوات اعضاء ملتقى السلع الثقافي وارجو أن أكون قد وفقت بتكوين فكرة ما عن عنوان الندوة

وفي ورقتها كتبت الاديبة اسمهان ربيحات 

وقفت على عدد من الروايات، لاقرا تركيز الروائي واهتماماته بالمراة، الى جانب العشق وما يراه بعضهم من جمال،،،،
فرايت إن الإنجاز الإبداعي الذي ترافق ظهوره بصورة متزامنة، مع توجه المرأة الواسع في ميادين العمل.. وبدأت تحقق مع خلال الأخير شيئاً من حريتها الفكرية والاقتصادية على حد سواء، وأصبحت قادرة بالتالي على التعبير عن ذاتها فعلياً وليس قصراً على التعبير الإبداعي بالرغم من تلك المؤشرات المعاكسة التي توضح الجمود الحركي والوظيفي الخاص بها وتتصدى له فهل المنتج الروائي المعاصر قدم صورة للمرأة المعاصرة؟ وحاول أن يواكب التغير الذي شهده وضع المرأة في المجتمع مع طرح متصل بالواقع الذي تعيشه الشابة في هذا الوقت، والتنبأ في واقعها المعاش بصورته المستقبلية

تسعى هذه الورقة إلى أن تتلمس عدداً من الإجابات للروائيين والنقاد انطلاقا من رؤية شخصية وأخرى مستقاة من أعمالهم الروائية

* محمد المزيني روائي سعودي في ضوء أعماله الروائية التي حملت عناوين أنثوية ك (تالا) و(نكهة أنثى محرمة) يقول حول سؤال الأثر الذي تركته المرأة في المنتج الروائي المعاصر الذي يكتبه الرجل؟

- المرأة تناصف الرجل الحياة لهذا تناصفه السرد فهي ليست من كماليات السرد القصصي بل أساس مهم لتكوين الحبكة السردية فبدونها سيكون العمل غير مكتمل بما يكفي لدفع القارئ لمواصلة قراءة العمل، فلو افترضنا مثلا بأن رجلا يتيه في الصحراء ويكون هو محور النص السردي فستكون المرأة معه في تفاصيل السرد بما يعرف الفلاش باك وليس السرد المعاصر مستقلا بالمرأة دون غيره فالعمال السابقة اعني مع بدايات الرواية العربية كانت تأخذ اسمها من المرأة كرواية زينب لهيكل وهي مؤسسة للرواية العربية وما تلاها من أعمال روائية كثيرة في كثير منها كانت تعكس معاناة المرأة والغوص في اشكالياتها داخل المجتمع الذكوري.

* هل فرضت المرأة صورة جديدة على سرد الرجل أكد المزيني أن:

- ليس هناك سرد تشكله او تحرض عليه امرأة جديدة، مادام العمل معاصر فهو سيتناول صورة المرأة كما هي، لان النص لا ينزاح عن الواقع حتى لو كان متخيلا، ربما هذا يصدق على الروايات القديمة التي تأثرت بصورة المرأة في الروايات العالمية وكان لها طوح في إخراجها عن سيطرة الرجل بغية تحريرها لذلك تتحمل أعباء عسف الواقع الرهن ليتناسب مع الطموح المتخيل للمرأة الجديدة، هذا لم يعد يحدث لأن المرأة اليوم منجذبة ومجاذبة مع مجمل التغييرات الحادثة داخل المجتمع وهي لن تنزع إلى عالم لا يمت اليها بصلة لذلك في مجمل ما صدر من أعمال روائية حديثة تجيء المرأة في سياقات التطور الاجتماعي بمعنى أنها لم تفرض كينونة مختلفة عما هي عليه بقدر ما هو أعني الرجل متساوق مع بدعة النص السردي الواقعي.

* وفيما أن أحدثت المرأة موضوعا مختلفا لها على الراوي أعتبر المزيني ذلك:

- تقريبا حدث تغير في صورة المرأة عما كانت عليه من قبل لذلك كما قلت تتشكل داخل النص وفق هذه الصورة فأصبح الكاتب الذي كان يكتب عن المرأة بمسؤولية تشبه التبني يكتب عن المرأة الطبيعية ويقدمها كما هي مع اختلاف الشخصيات النسائية في النص المقتص كمادة اولية من الحياة ربما الروائي يبحث عن استثناءات في شخصياته لذلك يركز على الجوانب ذات الاختلاف في المرأة لذلك تبدو صورة المرأة الجديدة في النص اكثر حضورا لأنها أكثر جاذبية من غيرها كما أوجدتها في روايتي نكهة أنثى محرمة ورواية تالا.

- يبدأ د. حسين مناصرة إجابته وهو متخصص في الأدب الحديث والنقد - تخصص السرديات. روائي، وقاص، ومسرحي، وناقد، قسم اللغة العربية وآدابها بكلية الآداب جامعة الملك سعود بالتأكيد على أن المرأة استحوذت على مساحة مهمة في الرواية العربية المعاصرة وتابع قوله: بل من الصعب أن نتحدث عن رواية مبدعة دون أن تراعي هذه الرواية صفة المجتمع المقسوم بين الرجال والنساء، ثمّ يبدو الاختلاف واضحًا بين روائي وآخر في مستوى استلهام شخصية المرأة وتوظيفها في الرواية، هذا الجنس الأدبي الذي انفتح على الحياة بصفتها تجربة إبداعية متكاملة بين دفتي كتاب.

* وحول المنتج أن كان يواكب التغير الذي شهده وضع المرأة في المجتمع أشار مناصرة:

- ما توصف به الرواية –عمومًا- هو أنها نص التحولات الاجتماعية؛ أي أنها خطاب تجريبي يؤسس للتحولات الاجتماعية، كما يتأسس عليها ؛ لذلك أعتقد أنّ التحولات في حياة المرأة المعاصرة من خلال التعليم والثقافة والعمل والحرية النسبية في اختيار طريق حياتها وتأثيرها الإيجابي في الأسرة والمجتمع والاقتصاد..إلخ، أسهم بطريقة أو بأخرى في إنتاج منظور سردي جديد للمرأة؛ حيث تهمشت الصورة التقليدية لها؛ ليحل مكانها صورة أخرى إيجابية في كونها غدت بنية مؤثرة في الواقع والتوقع!!

* كما عبر مناصرة عن الروايات التي تطرقت للوضع الذي تعيشه الشابة في هذا الوقت:

- أتاحت وسائل التواصل الرقمية، وسهولة الإبداع والنشر.... المجال الرحب للشباب في إنتاج خطاباتهم الإبداعية؛ حيث استهوت الرواية كثيرًا من المبدعين والمبدعات الشباب، وبالذات الشابات... حيث نجد وعيًا جديدًا في الكتابة السردية عن المرأة الجديدة من خلال آلية التواصل الجديدة، القائمة على الرقمية ووسائلها الحديثة... من هذه الناحية، يصعب أن نجد رواية حديثة لا تهتم بتناول اهتمامات المرأة الجديدة في سياق الشباب تحديدًا، خاصة أن هؤلاء الشباب لا يرون أية صعوبة في تسطير مئات الصفحات في روايات تصور حيواتهم واهتماماتهم.

* وعن صورة المرأة المغايرة عن صورتها في السابق بشيء من التأكيد تابع مناصرة:

- يمكن أن نؤكد وجود صورة جديدة للمرأة مختلفة عن صورتها التقليدية القديمة، وهي صورة نمطية تنظر إلى المرأة في سياق سلعيتها، وعزلتها، واهتمامامتها المحدودة داخل أسرتها...إلخ.

اليوم هناك صور جديدة للمرأة: بإمكانها أن تقبل وترفض، أن تعمل، وتخرج، وتؤثر، وتتواصل مع الآخرين بإمكانيات عديدة. لم تعد المرأة تقليدية... لقد غدت إيجابية عمومًا، مع بقاء بعض الصور التقليدية كالمرأة الرمز، والمرأة الضحية، والمرأة المستلبة..إلخ.

* الدكتور حسين مناصرة ينفي أن هناك مسألة تنبئ بواقع المرأة فيقول:

- المسألة ليست تنبُّؤًا!! الواقع الاجتماعي المعاصر تغير كثيرًا عما كانت عليه الحال في الماضي. بدت التحولات الاجتماعية أكثر رحابة مما نتصور في الماضي ؛ لأن الانفجار المعرفي - التقني فاق التوقعات.. لهذا السبب يبدو واقع المرأة المتعلمة المثقفة العاملة الإنسانة الحرة في اختياراتها واقعًا جديدًا مقارنة بما كان الوضع عليه في الماضي، حيث كان الفقر والجهل والمرض عوامل حاسمة في اختناق الواقع الاجتماعي، وفي استلابه، حيث تتعدد الجهات القامعة بفعل هذه العوامل..!! حتى حالة التحولات الإيجابية في حياة المرأة صاحبها أيضًا حالات تحول سلبية، يمكن النظر إليها من منظور سلعية المرأة في الحياة واستغلالها في الفساد والإفساد بطريقة أو بأخرى!! لكن هذا التحول السلبي هو باختيار المرأة ؛ فهي القادرة على أن تجعل تصرفاتها إيجابية وهي من تستبيح نفسها عندما تسهم في استلابها - على سبيل المثال!!

* ويتطرق مناصرة في حديثه عن الأثر الذي تركته المرأة في المنتج الروائي المعاصر الذي يكتبه الرجل:

- المرأة في الخطاب السردي الذكوري المعاصر ما زالت شخصيتها نمطية، فنجدها أمًا مثالية، وزوجة شيطانية، وحبيبة مستغلة، ورمزًا للوطن والواقع والثقافة (أي أنها تمثل غير ذاتها!!)؛ لذلك نجد للمرأة صورتين متناقضتين صورة المرأة الشريرة من جهة، والمرأة الخيرة أو المستلبة من جهة أخرى. وفي كلتا الحالين لم تستطع الكتابة السردية الذكورية أن تتغلغل داخل شخصية المرأة، فتنتج امرأة جديدة، كما صورتها المرأة في كتابتها عن بنات جنسها، بصفتها أكثر معرفة وخبرة بذاتها من الآخر (الرجل)، لهذا كانت الكتابة النسوية مغايرة للكتابة الذكورية في تناولها لقضايا المرأة، حيث تجاوزت المرأة الرجل في هذا المجال!! ومع ذلك يمكن الحديث عن بعض الروايات الذكورية التي استطاعت أن تعبر عن المرأة بأسلوب يشابه أسلوب المرأة في كتابتها عن نفسها!! أي أن الكتابة الذكورة تغلغلت إلى واقع المرأة، وقدمت صورة حقيقية عن هذا الواقع، ولكنها ما زالت كتابات محدودة عمومًا.

* هل فرضت المرأة صورة جديدة على سرد الرجل؟

- لو كان التساؤل: هل فرضت المرأة صورة جديدة على سردها؟؛ لكانت الإجابة نعم، وبكل تأكيد!! لكنني لا أعتقد أن المرأة استطاعت أن توجد صورة جديدة لها في كتابة شريكها الرجل؛ فالكتابة الذكورية عمومًا ما زالت تتحدث عن المرأة في إطار الأنماط التقليدية المعروفة عنها، وهي أنها موضوعة جنسية، أو موضوعة اجتماعية، أو بنية رمزية تحمل دلالات وأقنعة عديدة!!

لا نستطيع أن نجعل موضوع الرجل موضوعًا أوليًا بالنسبة للمرأة، كما ليس بإمكاننا أن نجعل موضوع المرأة موضوعًا أساسيًا في كتابة الرجل. المسألة وما فيها أن هناك علاقات مشتركة بين الجنسين، تسمح بالتداخل بينهما، ومن ثمّ يجيّر كل من الجنسين شخصية الآخر لمصالحه أو مصالح جنسه، لهذا يصبح منظور المرأة عن الرجل نمطيًا، كما يصبح منظور الرجل عن المرأة نمطيًا، وربمًا أكثر تنميطًا من كتابة المرأة ؛ لأن الرجل أكثر انقيادًا للبطرياركية الذكورية المهيمنة على المجتمع.

ويختم الدكتور حسين مناصرة حديثه: إن كانت المرأة أحدثت المرأة موضوعًا مختلفا لها على الراوي إذا كان السؤال هل غدت المرأة موضوعًا جديدًا في كتابة الرجل؟ فالإجابة هي أن المرأة تشكلت في بعض السياقات الجديدة في تحولاتها الاجتماعية المهمة، مع بقاء صورتها النمطية المعروفة أيضًا. وكان يفترض أن تكون هذه التحولات علامة مؤثرة في الكتابة الذكورية... لكننا - كما أشرت – لا نجد إيقاعًا مختلفًا لشخصية المرأة الجديدة في الكتابة الذكورية، ربما لتكلس الصور النمطية لشخصية المرأة في ذهنية الكاتب العربي، ومن ثمّ استمرت صورتها التقليدية الآن، كما كانت قبل ثلاثين أو أربعين عامًا!!

وبإمكاننا في الوقت نفسه أن نتحدث عن تحولات المرأة الجديدة في كتابة المرأة ذاتها، وبالذات في ما يعرف بالكتابة النسوية، التي تحمل إيديولوجيا نسوية تحارب الظلم، والبطرياركية، والاستلاب الذي يمارسه الرجال/ المجتمع على النساء.

* أما محمد الفوز وهو روائي سعودي أحدثت روايته «لاتثقوا بأمرأة» وأثارت سخط النساء حولها:

- محمد الفوز: المرأة لم تختلف صورتها كثيرا في المنجز الروائي السعودي، ولكن ماهو أبعد من حضورها كنص أو كشخص هو مستقبل ما نتمناه من دورٍ حقيقي على شرفة الأمل، ثمة ارتكاسٌ و ضمور في ألقِ الأنثى و مهما حضرت بوعي سرعان ماتخبو في موقفٍ آخر، لاشك أن المرأة مادة روائية ثرثية لما تتمتع به من نفسيةٍ متوترة بالطبع، و من مزاجية مفرطة بسببِ واقعها الأليم،.. أيضا مع اختلاف الإنسان، وانقلابه على مفاهيمه الوجودية التي انبرى عنها مجتمعٌ افتراضي و تشكلتْ ملامح جديدة لكائنٍ مزدوج له انفعالاتٌ لا يمكن التماس معها في الواقع، كما لا يمكن تجنيسها بمصطلحات ذكورية أو نسوية ففي عالم التكنولوجيا الحديثة لكَ أن تختار شكلاً و بنية واسما و ملامح و انفعالات خاصة بعيدا عنك، ومعايشة كل الأزمنة و فتح نوافذ دردشة مع العالم كله بضغطةِ زر، و هذه الحالة أو المرحلة أيا كانتْ تسميتها هي الأقرب إلى حدّ ما للأنثى المكلومة و المكبوتة عبر زمن لا يعني ذلك أن الرجل في منأى عنها و لكن الفراغ القاتل الذي يسكن المرأة جعلها في صيرورة و بحثٍ دؤوبٍ عن ذاتها/عن مستقبلها الأسود و هكذا باتَ من الحيف النظر لجسد الكتابة و تجييره لروائيِّ معزول عن صورة الروح التي تُناهز أعمارنا في لحظة اندهاشٍ وتقارع اليأس على دروب الفكرة... هذه الفكرة التي لولا وفاؤها لنا، لما اقترح الغد هوية جديدة لكائنٍ يتنازل كثيراً عن حدوده الجغرافية من أجل التقنية و التواصل الالكتروني البسيط و غير المعقد، فحلمٌ ضخم بامتلاك وطنٍ له سيمياء خاصة باتَ من السهولة تحقيقه و اختياره و ترسيم حدوده بدون الأمم المتحدة مثلاً، كلُّ ماهنالك أن نفكَّ أزرار الروايةِ لكائن مجهول يأتي بغتة على درج الأرق كي يكتبنا، و يمارس لذة السرد مع قيمنا المؤجلة و أحلامنا المشردة على أرصفة الكلام.

* أما الروائي عبد الواحد الأنصاري فهو ضد التيار المقدس للمرأة المعشوقة حيث عبر في حديثه عن ذلك:

- المرأة في نصوصي السردية سواء القصصية أو لا تنحصر في المرأة المحبوبة، ولا أعاني من هذا التسلط على نصوصي، فكثيراً من الكتاب تسيطر عليهم التبعية المنقادة للتيار المقدّس للمرأة المعشوقة، ويحضرني من هؤلاء الكاتب يوسف زيدان من الفائزين بالجوائز المشهورة، حيث إن كتاباته تركز على تقديس المرأة، وفي عمله الروائي الأول «ظل الأفعى» حرصت الرواية ليس فقط على تنصيب المرأة منصب المعشوقة المحبوبة، وإنما على تنصيبها في مقام من مقامات العبوديّة، في صورتها الجسمانية الصنمية، وهي الفكرة التي تلتقي في مآلها مع رؤية الصوفي ابن عربي إلى المرأة في تصوير الاتحاد معها، وهو تصور وثني إلحادي في تجلياته أو في مآلاته على أقل تقدير.

المرأة تظهر في أعمالي على أنها تلك الإنسانة التي يشقى بها الرجل، وهذا تمثل لقوله تعالى في سورة طه «فلا يخرجنّكما من الجنّة فتشقى»، أي تشقى أنت أيها الرجل، ولم يقل: «فتشقيا»، ليس لذلك علاقة بالتصور الشوبنهاوري المتشائم لعلاقة الرجل بالمرأة، ولا بالتصور العقّادي في بعض كتابات العقاد التي تميل إلى الشوبنهاورية، ولا في تصور فرويدي ينظر إلى المرأة من زاوية الاشتهاء، بل إن علاقة صورة المرأة في أعمالي ترتبط بشقاء الواجب، والالتزام لأنها كائن ضعيف، ومع ذلك فهو شريك، ويتطلع من الرجل إلى الحماية والاكتفاء، وحين لا يوفر له الرجل ذلك فإنه يكون في الغالب صعباً وبعيد المنال، ويشعر الرجل في ذاته بنقص في الكفاءة، أو نقص في القوّة، باستثناء المرأة في صورتها الأمومية، التي لا تخلي الرجل من المسؤولية، وإنما تحمله ثلاثة أضعاف عبئه الآخر تجاه الشطر الثاني الذي يتمثل فيه الأب، فالرجل حين يبذل تجاه أبويه مجهوداً فإنه في الحقيقة يقدم مجهوداً رباعياً، ثلاثة أرباعه للأم، وربعه للأب، وهذا ما يندرج تحت مفهوم يعد من أقدس المفاهيم الإسلامية وهو مفهوم «البر» الذي يقترن في النصوص المقدسة بالتوحيد مباشرة: «وقضى ربك ألاّ تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا».

إن النظرة إلى المرأة من الشق العشقي المجرد يعطل دور المرأة فيما بعد سن اليأس، وهو السن الذي تكون أحوج ما تكون فيه إلى العناية، سواء في الحياة الحقيقية، أم في حياة النص الأدبي، وهذا ما أشار إليه الكاتب التشيكي كونديرا حين تحدث عن صور الأطفال في الانتخابات، التي تقدم للترويج المتنافسين السياسيين.

يمكنك الرجوع إلى هذا المعنى في شخصيات المرأة في كتاباتي السردية مثل: «مزون في «الأسطح والسراديب» و»أم حسين» في «كيف تصنع يداً»، وربما أيضاً «راضية» في رواية «ممالك تحت الأرض».