آخر الأخبار

العقاد وقندقجي وحسون يقراون روايات مجدت المراة

راصد الإخباري :  


الاردن - راصد
كتب عبدالله الحميدي

نستهل نشرنا لاول ثلاث اورق للعمل في الندوة (١٨) التي دابت منصة السلع على اعدادها خدمة للثقافة العربية

شاكرين للوزير سميح المعايطة رعايته للندوة، في قاعة مدارس المورغانايت وسط الطفيلة

وجاء في الورقة الاولى 
للدكتور محمد نصر الدين العقاد عن تطور صورة المرأة  في الرواية العربية "قراءة نقدية في نماذج مختارة"


مقدمة: 
 إن الإنجاز الإبداعي الذي ترافق ظهوره بصورة متزامنة، مع توجه المرأة الواسع في ميادين العمل.. وبدأت تحقق مع خلال الأخير شيئاً من حريتها الفكرية والاقتصادية على حد سواء، وأصبحت قادرة بالتالي على التعبير عن ذاتها فعلياً وليس قصراً على التعبير الإبداعي بالرغم من تلك المؤشرات المعاكسة التي توضح الجمود الحركي والوظيفي الخاص بها وتتصدى له فهل المنتج الروائي المعاصر قدم صورة للمرأة المعاصرة؟ وحاول أن يواكب التغير الذي شهده وضع المرأة في المجتمع مع طرح متصل بالواقع الذي تعيشه الشابة في هذا الوقت، والتنبؤ في واقعها المعاش بصورته المستقبلية يسعى هذا التحقيق إلى أن يتلمس عدداً من الإجابات للروائيين والنقاد انطلاقا من رؤية شخصية وأخرى مستقاة من أعمالهم الروائية.
وسوف يتناول هذا البحث المحاور الاتية : 
أولا: المقدمة كلمات دالة على البحث هدف البحث أهمية البحث -
منهج البحث.
ثانيا :التمهيد، مفهوم مكانة المرأة في الرواية العربية 
ثالثا: خمسة محاور تطبيقية.
رابعا: ملخص باللغة العربية.
خامسا: الخاتمة.
سادسا: قائمة المصادر والمراجع.
سابعا: ملخص باللغة الإنجليزية.



التمهيد، مفهوم مكانة المرأة في الرواية العربية:
     في قراءة سريعة في انتاج محمد المزيني روائي سعودي خلال السنوات الفائتة في ضوء أعماله الروائية التي حملت عناوين أنثوية ك (تالا) و(نكهة أنثى محرمة) يقول حول سؤال الأثر الذي تركته المرأة في المنتج الروائي المعاصر الذي يكتبه الرجل؟ المرأة تناصف الرجل الحياة لهذا تناصفه السرد فهي ليست من كماليات السرد القصصي بل أساس مهم لتكوين الحبكة السردية فبدونها سيكون العمل غير مكتمل بما يكفي لدفع القارئ لمواصلة قراءة العمل، فلو افترضنا مثلا بأن رجلا يتيه في الصحراء ويكون هو محور النص السردي فستكون المرأة معه في تفاصيل السرد بما يعرف الفلاش باك وليس السرد المعاصر مستقلا بالمرأة دون غيره فالأعمال السابقة اعني مع بدايات الرواية العربية كانت تأخذ اسمها من المرأة كرواية زينب لهيكل وهي مؤسسة للرواية العربية وما تلاها من أعمال روائية كثيرة ، في كثير منها كانت تعكس معاناة المرأة والغوص في اشكالياتها داخل المجتمع الذكوري.
       هل فرضت المرأة صورة جديدة على سرد الرجل أكد المزيني أنه ليس هناك سرد تشكله او تحرض عليه امرأة جديدة، مادام العمل معاصر فهو سيتناول صورة المرأة كما هي، لان النص لا ينزاح عن الواقع حتى لو كان متخيلا، ربما هذا يصدق على الروايات القديمة التي تأثرت بصورة المرأة في الروايات العالمية وكان لها طوح في إخراجها عن سيطرة الرجل بغية تحريرها لذلك تتحمل أعباء عسف الواقع الرهن ليتناسب مع الطموح المتخيل للمرأة الجديدة، هذا لم يعد يحدث لأن المرأة اليوم منجذبة ومجاذبة مع مجمل التغييرات الحادثة داخل المجتمع وهي لن تنزع إلى عالم لا يمت اليها بصلة لذلك في مجمل ما صدر من أعمال روائية حديثة تجيء المرأة في سياقات التطور الاجتماعي بمعنى أنها لم تفرض كينونة مختلفة عما هي عليه بقدر ما هو أعني الرجل متساوق مع بدعة النص السردي الواقعي. وفيما أن أحدثت المرأة موضوعا مختلفا لها على الراوي أعتبر المزيني ذلك: تقريبا حدث تغير في صورة المرأة عما كانت عليه من قبل لذلك كما قلت تتشكل داخل النص وفق هذه الصورة فأصبح الكاتب الذي كان يكتب عن المرأة بمسؤولية تشبه التبني يكتب عن المرأة الطبيعية ويقدمها كما هي مع اختلاف الشخصيات النسائية في النص المقتص كمادة اولية من الحياة ربما الروائي يبحث عن استثناءات في شخصياته لذلك يركز على الجوانب ذات الاختلاف في المرأة لذلك تبدو صورة المرأة الجديدة في النص اكثر حضورا لأنها أكثر جاذبية من غيرها كما أوجدتها في روايتي نكهة أنثى محرمة ورواية تالا.
      يبدأ د. حسين مناصرة إجابته وهو متخصص في الأدب الحديث والنقد - تخصص السرديات. روائي، وقاص، ومسرحي، وناقد، قسم اللغة العربية وآدابها بكلية الآداب جامعة الملك سعود بالتأكيد على أن المرأة استحوذت على مساحة مهمة في الرواية العربية المعاصرة وتابع قوله: بل من الصعب أن نتحدث عن رواية مبدعة دون أن تراعي هذه الرواية صفة المجتمع المقسوم بين الرجال والنساء، ثمّ يبدو الاختلاف واضحًا بين روائي وآخر في مستوى استلهام شخصية المرأة وتوظيفها في الرواية، هذا الجنس الأدبي الذي انفتح على الحياة بصفتها تجربة إبداعية متكاملة بين دفتي كتاب.
وحول المنتج إن كان يواكب التغير الذي شهده وضع المرأة في المجتمع أشار مناصرة: ما توصف به الرواية –عمومًا- هو أنها نص التحولات الاجتماعية؛ أي أنها خطاب تجريبي يؤسس للتحولات الاجتماعية، كما يتأسس عليها؛ لذلك أعتقد أنّ التحولات في حياة المرأة المعاصرة من خلال التعليم والثقافة والعمل والحرية النسبية في اختيار طريق حياتها وتأثيرها الإيجابي في الأسرة والمجتمع والاقتصاد. .إلخ، أسهم بطريقة أو بأخرى في إنتاج منظور سردي جديد للمرأة؛ حيث تهمشت الصورة التقليدية لها؛ ليحل مكانها صورة أخرى إيجابية في كونها غدت بنية مؤثرة في الواقع والتوقع!! كما عبر مناصرة عن الروايات التي تطرقت للوضع الذي تعيشه الشابة في هذا الوقت: أتاحت وسائل التواصل الرقمية، وسهولة الإبداع والنشر.... المجال الرحب للشباب في إنتاج خطاباتهم الإبداعية؛ حيث استهوت الرواية كثيرًا من المبدعين والمبدعات الشباب، وبالذات الشابات... حيث نجد وعيًا جديدًا في الكتابة السردية عن المرأة الجديدة من خلال آلية التواصل الجديدة، القائمة على الرقمية ووسائلها الحديثة... من هذه الناحية، يصعب أن نجد رواية حديثة لا تهتم بتناول اهتمامات المرأة الجديدة في سياق الشباب تحديدًا، خاصة أن هؤلاء الشباب لا يرون أية صعوبة في تسطير مئات الصفحات في روايات تصور حيواتهم واهتماماتهم.
وعن صورة المرأة المغايرة عن صورتها في السابق بشيء من التأكيد تابع مناصرة: يمكن أن نؤكد وجود صورة جديدة للمرأة مختلفة عن صورتها التقليدية القديمة، وهي صورة نمطية تنظر إلى المرأة في سياق سلعيتها، وعزلتها، واهتماماتها المحدودة داخل أسرتها...إلخ.
اليوم هناك صور جديدة للمرأة: بإمكانها أن تقبل وترفض، أن تعمل، وتخرج، وتؤثر، وتتواصل مع الآخرين بإمكانيات عديدة. لم تعد المرأة تقليدية... لقد غدت إيجابية عمومًا، مع بقاء بعض الصور التقليدية كالمرأة الرمز، والمرأة الضحية، والمرأة المستلبة. إلخ.
الدكتور حسين مناصرة ينفي أن هناك مسألة تنبئ بواقع المرأة فيقول: المسألة ليست تنبُّؤًا!! الواقع الاجتماعي المعاصر تغير كثيرًا عما كانت عليه الحال في الماضي. بدت التحولات الاجتماعية أكثر رحابة مما نتصور في الماضي ؛ لأن الانفجار المعرفي/ التقني فاق التوقعات.. لهذا السبب يبدو واقع المرأة المتعلمة المثقفة العاملة الإنسانة الحرة في اختياراتها واقعًا جديدًا مقارنة بما كان الوضع عليه في الماضي، حيث كان الفقر والجهل والمرض عوامل حاسمة في اختناق الواقع الاجتماعي، وفي استلابه، حيث تتعدد الجهات القامعة بفعل هذه العوامل...!! حتى حالة التحولات الإيجابية في حياة المرأة صاحبها أيضًا حالات تحول سلبية، يمكن النظر إليها من منظور سلعية المرأة في الحياة واستغلالها في الفساد والإفساد بطريقة أو بأخرى!! لكن هذا التحول السلبي هو باختيار المرأة؛ فهي القادرة على أن تجعل تصرفاتها إيجابية وهي من تستبيح نفسها عندما تسهم في استلابها - على سبيل المثال!!
         ويتطرق مناصرة في حديثه عن الأثر الذي تركته المرأة في المنتج الروائي المعاصر الذي يكتبه الرجل: المرأة في الخطاب السردي الذكوري المعاصر ما زالت شخصيتها نمطية، فنجدها أمًا مثالية، وزوجة شيطانية، وحبيبة مستغلة، ورمزًا للوطن والواقع والثقافة (أي أنها تمثل غير ذاتها!!)؛ لذلك نجد للمرأة صورتين متناقضتين صورة المرأة الشريرة من جهة، والمرأة الخيرة أو المستلبة من جهة أخرى. وفي كلتا الحالين لم تستطع الكتابة السردية الذكورية أن تتغلغل داخل شخصية المرأة، فتنتج امرأة جديدة، كما صورتها المرأة في كتابتها عن بنات جنسها، بصفتها أكثر معرفة وخبرة بذاتها من الآخر (الرجل)، لهذا كانت الكتابة النسوية مغايرة للكتابة الذكورية في تناولها لقضايا المرأة، حيث تجاوزت المرأة الرجل في هذا المجال!! ومع ذلك يمكن الحديث عن بعض الروايات الذكورية التي استطاعت أن تعبر عن المرأة بأسلوب يشابه أسلوب المرأة في كتابتها عن نفسها!! أي أن الكتابة الذكورة تغلغلت إلى واقع المرأة، وقدمت صورة حقيقية عن هذا الواقع، ولكنها ما زالت كتابات محدودة عمومًا.
هل فرضت المرأة صورة جديدة على سرد الرجل؟
       لو كان التساؤل: هل فرضت المرأة صورة جديدة على سردها؟؛ لكانت الإجابة نعم، وبكل تأكيد!! لكنني لا أعتقد أن المرأة استطاعت أن توجد صورة جديدة لها في كتابة شريكها الرجل؛ فالكتابة الذكورية عمومًا ما زالت تتحدث عن المرأة في إطار الأنماط التقليدية المعروفة عنها، وهي أنها موضوعة جنسية، أو موضوعة اجتماعية، أو بنية رمزية تحمل دلالات وأقنعة عديدة!!
 لا نستطيع أن نجعل موضوع الرجل موضوعًا أوليًا بالنسبة للمرأة، كما ليس بإمكاننا أن نجعل موضوع المرأة موضوعًا أساسيًا في كتابة الرجل. المسألة وما فيها أن هناك علاقات مشتركة بين الجنسين، تسمح بالتداخل بينهما، ومن ثمّ يجيّر كل من الجنسين شخصية الآخر لمصالحه أو مصالح جنسه، لهذا يصبح منظور المرأة عن الرجل نمطيًا، كما يصبح منظور الرجل عن المرأة نمطيًا، وربمًا أكثر تنميطًا من كتابة المرأة؛ لأن الرجل أكثر انقيادًا للبطريركية الذكورية المهيمنة على المجتمع.
     ويختم الدكتور حسين مناصرة حديثه: إن كانت المرأة أحدثت المرأة موضوعًا مختلفا لها على الراوي إذا كان السؤال هل غدت المرأة موضوعًا جديدًا في كتابة الرجل؟ فالإجابة هي أن المرأة تشكلت في بعض السياقات الجديدة في تحولاتها الاجتماعية المهمة، مع بقاء صورتها النمطية المعروفة أيضًا. وكان يفترض أن تكون هذه التحولات علامة مؤثرة في الكتابة الذكورية... لكننا - كما أشرت – لا نجد إيقاعًا مختلفًا لشخصية المرأة الجديدة في الكتابة الذكورية، ربما لتكلس الصور النمطية لشخصية المرأة في ذهنية الكاتب العربي، ومن ثمّ استمرت صورتها التقليدية الآن، كما كانت قبل ثلاثين أو أربعين عامًا!
        وبإمكاننا في الوقت نفسه أن نتحدث عن تحولات المرأة الجديدة في كتابة المرأة ذاتها، وبالذات فيما يعرف بالكتابة النسوية، التي تحمل إيديولوجيا نسوية تحارب الظلم، والبطريركية، والاستلاب الذي يمارسه الرجال/ المجتمع على النساء. أما محمد الفوز وهو روائي سعودي أحدثت روايته «لا تثقوا بامرأة» وأثارت سخط النساء حولها: محمد الفوز: المرأة لم تختلف صورتها كثيرا في المنجز الروائي السعودي، ولكن ما هو أبعد من حضورها كنص أو كشخص هو مستقبل ما نتمناه من دورٍ حقيقي على شرفة الأمل، ثمة ارتكاسٌ وضمور في ألقِ الأنثى و مهما حضرت بوعي سرعان ما تخبو في موقفٍ آخر، لاشك أن المرأة مادة روائية ثرية لما تتمتع به من نفسيةٍ متوترة بالطبع، و من مزاجية مفرطة بسببِ واقعها الأليم. أيضا مع اختلاف الإنسان، وانقلابه على مفاهيمه الوجودية التي انبرى عنها مجتمعٌ افتراضي و تشكلتْ ملامح جديدة لكائنٍ مزدوج له انفعالاتٌ لا يمكن التماس معها في الواقع، كما لا يمكن تجنيسها بمصطلحات ذكورية أو نسوية ففي عالم التكنولوجيا الحديثة لكَ أن تختار شكلاً و بنية واسما و ملامح و انفعالات خاصة بعيدا عنك، ومعايشة كل الأزمنة و فتح نوافذ دردشة مع العالم كله بضغطةِ زر، و هذه الحالة أو المرحلة أيا كانتْ تسميتها هي الأقرب إلى حدّ ما للأنثى المكلومة و المكبوتة عبر زمن لا يعني ذلك أن الرجل في منأى عنها و لكن الفراغ القاتل الذي يسكن المرأة جعلها في صيرورة و بحثٍ دؤوبٍ عن ذاتها/عن مستقبلها الأسود و هكذا باتَ من الحيف النظر لجسد الكتابة و تجييره لروائيِّ معزول عن صورة الروح التي تُناهز أعمارنا في لحظة اندهاشٍ وتقارع اليأس على دروب الفكرة... هذه الفكرة التي لولا وفاؤها لنا، لما اقترح الغد هوية جديدة لكائنٍ يتنازل كثيراً عن حدوده الجغرافية من أجل التقنية و التواصل الالكتروني البسيط و غير المعقد، فحلمٌ ضخم بامتلاك وطنٍ له سيمياء خاصة باتَ من السهولة تحقيقه و اختياره و ترسيم حدوده بدون الأمم المتحدة مثلاً، كلُّ ما هنالك أن نفكَّ أزرار الروايةِ لكائن مجهول يأتي بغتة على درج الأرق كي يكتبنا، و يمارس لذة السرد مع قيمنا المؤجلة و أحلامنا  المشردة على أرصفة الكلام.
       أما الروائي عبد الواحد الأنصاري فهو ضد التيار المقدس للمرأة المعشوقة حيث عبر في حديثه عن ذلك: المرأة في نصوصي السردية سواء القصصية أو لا تنحصر في المرأة المحبوبة، ولا أعاني من هذا التسلط على نصوصي، فكثيراً من الكتاب تسيطر عليهم التبعية المنقادة للتيار المقدّس للمرأة المعشوقة، ويحضرني من هؤلاء الكاتب يوسف زيدان من الفائزين بالجوائز المشهورة، حيث إن كتاباته تركز على تقديس المرأة، وفي عمله الروائي الأول «ظل الأفعى» حرصت الرواية ليس فقط على تنصيب المرأة منصب المعشوقة المحبوبة، وإنما على تنصيبها في مقام من مقامات العبوديّة، في صورتها الجسمانية الصنمية، وهي الفكرة التي تلتقي في مآلها مع رؤية الصوفي ابن عربي إلى المرأة في تصوير الاتحاد معها، وهو تصور وثني إلحادي في تجلياته أو في مآلاته على أقل تقدير. المرأة تظهر في أعمالي على أنها تلك الإنسانة التي يشقى بها الرجل، وهذا تمثل لقوله تعالى في سورة طه «فلا يخرجنّكما من الجنّة فتشقى»، أي تشقى أنت أيها الرجل، ولم يقل: «فتشقيا»، ليس لذلك علاقة بالتصور الشوبنهاوري المتشائم لعلاقة الرجل بالمرأة، ولا بالتصور العقّادي في بعض كتابات العقاد التي تميل إلى الشوبنهاورية، ولا في تصور فرويدي ينظر إلى المرأة من زاوية الاشتهاء، بل إن علاقة صورة المرأة في أعمالي ترتبط بشقاء الواجب، والالتزام لأنها كائن ضعيف، ومع ذلك فهو شريك، ويتطلع من الرجل إلى الحماية والاكتفاء، وحين لا يوفر له الرجل ذلك فإنه يكون في الغالب صعباً وبعيد المنال، ويشعر الرجل في ذاته بنقص في الكفاءة، أو نقص في القوّة، باستثناء المرأة في صورتها الأمومية، التي لا تخلي الرجل من المسؤولية، وإنما تحمله ثلاثة أضعاف عبئه الآخر تجاه الشطر الثاني الذي يتمثل فيه الأب، فالرجل حين يبذل تجاه أبويه مجهوداً فإنه في الحقيقة يقدم مجهوداً رباعياً، ثلاثة أرباعه للأم، وربعه للأب، وهذا ما يندرج تحت مفهوم يعد من أقدس المفاهيم الإسلامية وهو مفهوم «البر» الذي يقترن في النصوص المقدسة بالتوحيد مباشرة: «وقضى ربك ألاّ تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا».إن النظرة إلى المرأة من الشق العشقي المجرد يعطل دور المرأة فيما بعد سن اليأس، وهو السن الذي تكون أحوج ما تكون فيه إلى العناية، سواء في الحياة الحقيقية، أم في حياة النص الأدبي، وهذا ما أشار إليه الكاتب التشيكي كونديرا حين تحدث عن صور الأطفال في الانتخابات، التي تقدم للترويج المتنافسين السياسيين.
       يمكنك الرجوع إلى هذا المعنى في شخصيات المرأة في كتاباتي السردية مثل: «مزون في «الأسطح والسراديب» وأم حسين» في «كيف تصنع يداً»، وربما أيضاً «راضية» في رواية «ممالك تحت الأرض». منذ أواخر القرن التاسع عشر وما بعده، ومع بواكير ما نشر من الرواية العربية، تلك التي اتسمت بقدر من الوعظ والإرشاد والنصح الأخلاقي الاجتماعي، وحتى بداية الكتابة الفنية للرواية العربية، بدت صورة "المرأة" في السرد، كما المفعول به في اللغة. فمع طلائع القرن الماضي القرن العشرين (حيث بداية الاتصال الثقافي مع الغرب، برز توجه فكري ينتمى إلى جملة المفاهيم الغربية) الأوروبية (، في مقابل التوجه السائد المتسم بالسلفية واعتبار الت ا رث هو المنبع والمصب فكريا . وسط هذا المناخ الثقافي، بدت المرأة قضية، أو مجموعة قضايا مصاحبة معبرة
عن قضايا الوطن كله، وهو ما تبدى في عدد من الظواهر.
   دفع المناخ السياسي الضاغط والمستبد، في بدايات القرن الماضي، عددا من الروائيين إلى
البحث عن "كود" يتخفون خلفه، أو لنقل رم ا ز يتعلقون به. وها هم يجدون في "المرأة حجابا فنيا أو قناعا لعرض أفكارهم التي تذهب نحو مواجهة خفية لفضح الظواهر السياسية والاجتماعية؛ ولعل ذلك لم يكن المبرر الوحيد. فقد وجدوا أيضا في اتخاذ المرأة واجهة وستارة ، وسيلة لجذب القراءة ، فصارت المرأة  تتصدر عناوين تلك النصوص، بالإضافة إلى إبراز دورها داخل العمل. أما المبرر الثالث لتوظيف صورة المرأة ، فهو التمثل بالرواية الغربية، وقد شاعت الترجمات بعد أن ذهب البعض وأقام في إحدى البلدان الأوروبية، إما للدارسة أو للسياحة، أو حتى بسبب النفي السياسي للبعض، أمثال الشاعر أحمد شوقي، حيث أقام وأطلع على الأدب الأوروبي عموما، فعاد يكتب للطفل، ثم كتب أول رواية له، ولعلها الوحيدة.
      نخلص إلى أن "المرأة " لم تكن فاعلة في غالبية الروايات المبكرة، وكان ظهورها في العناوين حيث شاع إطلاق اسم المرأة ما على أغلب الأعمال الروائية، وبعض الروايات حمل عنوانها صفات نسائية توحي بالبطولة ومحور العمل. وحتى عام 1949 م، بلغت نسبة تلك الروايات نحو نصف المجموع الكلي للروايات المنتجة خلال تلك الفترة 1. والرصد الإحصائي لعناوين الروايات، من خلال التسلسل التاريخي، أو الزمني لكتابتها، يشير إلى تناول هذه الأعمال اسم المرأة صريحا) انظر إلى الملحق آخر المقال (. هذا الحصر للروايات التي عنونت بأسماء للمرأة، يكشف جملة ملامح وهي نظر الروائي إلى المرأة في بداية التعرف على جنس الرواية نظرة ساذجة، على اعتقاد منه أن إضافة اسم المرأة ما، قد يفتح شهية القارئ إلى القراءة، كما أن وجود المرأة في العمل القصصي أو الروائي، يعتبر أحد عوامل الجذب والجاذبية. عادة ما يكون العنوان معبرا عن محور العمل الروائي، مع إمكانية التوظيف الرمزي لهذا العنوان، حيث أنه المدخل للرواية. أما أن يوضع العنوان باسم المرأة بلا توظيف فنّي، فهو أمر يدعو للتساؤل. وهناك بعض الروايات في الفترات الأولى للرواية لم تكن أكثر من ترجمات لروايات أجنبية، وخصوصا من الأدب الفرنسي، وبدلا من كتابة ترجمة، يكتب تأليف، رغم أنه المترجم في الحقيقة، وليس المؤلف. وهذه الروايات المترجمة، تحمل، في الغالب، عنوانا باسم المرأة، أجنبيا أو عربيا . وقد نالت الشخصيات النسائية التاريخية حي ا ز من اهتمام الروائيين. ويلاحظ الدارس لموضوعات الروايات التي كتبت في البدايات الأولى، وإلى مرحلة طويلة من بعد، غلبة الفكر الأخلاقي، مع إقحام أحكام الوعظ والإرشاد. وفي الموضوع الأخلاقي، لا بد أن تكون المرأة في حضورها المشوّه متهمة دائما بأنها لعبة الشيطان، كما في رواية "مديحة" أو "الشيطان لعبته المرأة". ولا يخلو الأمر من وجود بعض الأعمال) القليلة ( التي تجد في المرأة رمزا للوفاء. وعلى سبيل المثال، رواية "بثينة" أو "شهيدة الوفاء" للكاتب سيد خفاجي 1937 و"دولت" أو "الوفاء الأبدي" للكاتب محمد علي رزق 1919. ومن كتاب الرواية، من يطلق اسم المرأة على أغلب أعماله الروائية، مثل الكاتب "سليم بطرس البستاني" الذي استخدم اسم "زنوبيا"، "أسماء"، "بدور"،
"سلمى" و"سامية". وهناك بعض الروايات تعنون باسم المرأة ذات دلالة فنية. كما كل الأعمال الروائية المستوحاة من التاريخ القديم، مثل رواية "زنوبيا"، و"زنوبيا" ملكة تدمر، و"إيزيس"، كذلك تلك التي لها دلالة فنية مثل "أحلام شهر ا زد" لطه حسين. إن كانت هناك بعض الروايات بأسماء نسائية صريحة، فهناك العديد من الروايات تحمل صفات نسائية وتوحي بأن البطولة ومحور العمل هو المرأة، منها: قصة "فؤاد ورفقة حبيبته" للكاتب "نخلة صالح" عام 1872 م، و"بنت العصر" و"الفاتنة" للكاتب "سليم بطرس البستاني"، عام 1875 م، و1877 م، و"غادة لبنان" للكاتب "عبده ميخائيل بد ا رن"، عام 1889 م، و"شهيد الغرام "، أو "ظبية طنطا" للكاتب "أنطوان غوش" عام 1894 م، و"المرأة في الشرق " للكاتب "مرقص فهمي "عام 1894و"عذراء الهند" ل"أحمد شوقي". كما تم توظيف المرأة) عن وعي وقصدية، أو حتى عن غير قصد(وجعلها رمزا  للوطن، فباتت المرأة  في العديد من الأعمال الراسخة تعبيرا عن قهر ما أو الرغبة في التحرر من عدو ما، وربما هذا الربط بين المرأة والوطن له مبرراته الموضوعية، مثل الاحتلال والرغبة في التحرر.
مرحلة إبداعية جديدة:
      مع مشاركة "المرأة" في الإبداع الروائي، بدت عقلا ووجدانا وقلما فاعلا جسورا، وليس أدلّ على ذلك من تلك الأعمال الروائية لمواجهة العدو الخارجي تعبيرا عن انتماء حقيقيّ للوطن) وليست مزاولة (كما فعل الروائيون الرجال من قبل. الفرق بين الأدب النسائي والأدب النسوي أن الأدب النسوي هو: "الأعمال الأدبية التي تدافع عن حقوق المرأة وإن كان الكاتب رجلا".. أما الأدب النسائي فهو: "الأدب الذي تكتبه المرأة بغض النظر عن المضمون". ويؤرخ للأدب النسوي بداية من السبعينات من القرن التاسع عشر، حيث نشأت الحركة النسوية التي تنادي بحقوق المرأة، تزامن مع شعارات الثورة الفرنسية: "الحرية، المساواة، الإخاء". إلّا أن واقع الحال لم يكن سهلا ولا هينا، إلى حد إصدار الحكم بإعدام صاحبة الدعوة! ومع ذلك انتشرت الدعوة وباتت حركة ثقافية. ووجد الأدب النسوي الذي راج مع بداية القرن العشرين. مع عقد الأربعينات من القرن العشرين، بدا جليا ظهور جيل من الروائيين والروائيات، رسخت على أيديهم تقنيات جنس الرواية الأدبي، حتى بلغ عدد الروائيات وإنتاجهن مبلغا لافتا، وتناولن العديد من الأشكال والمضامين والرؤى، وتشاركن مع الروائي الرجل في همومه أيضا وفي مقدمتها هموم الوطن.
(الرؤى السردية للرواية النسائية المرأة الفاعل(
     منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية وحتى الآن، بلغت الرواية النسوية مبلغا لافتا، جاءت مع
نضح العمل الروائي ورسوخه، متقاطعا مع تعقد المعطيات الفكرية والأيديولوجية وتوظيفها؛
مضافا إليه دخول المرأة كمبدعة لفن الرواية تطرح رؤاها السردية كما تشاء. يبدو أن نضج الروائي/الروائية لا يكشف عن نفسه من خلال التقنيات الفنية وحدها، وإن تعلق البعض بالمقولة القديمة أن الموضوعات مطروحة على الطرقات. ففي لحظة تأمل لتلك الروايات التي تعاملت مع المرأة، تتضح رؤى الروائي/الروائية والنضج الفكري/الفني بدرجة الرؤية إلى دور المرأة وتعامله معها في عمله الفني، لتبقى الأعمال الأكثر نضجا التي جعلت من المرأة وسيلة للتعبير عن القيم العليا وهدفا من أجل حياة أفضل.
ويمكن تتبع تطور رواية المرأة عبر مرحلتين:
الأولى تتمثل في محاولات البحث عن النضج التقني والفني لجنس الرواية نفسها. أما الثانية، فتلك التي بدأت مع نضج الرواية والروائي معا.
ففي المرحلة الأولى، بدا الوقوف إلى جانب المرأة معادلا للموقف من مواجهة سلبيات المجتمع وفساده، والطموح إلى الأفضل. لذا جاءت الروايات التاريخية لتعطي للمرأة صفة البطولة، وجعلتها الشخصية المحورية، كما في رواية "زنوبيا" للكاتب "سليم البستاني". وزنوبيا هي ملكة تدمر التي اعتلت كرسي العرش، وحَكمتْ وحَمتْ وأدارتْ دفة حضارة من أقدم الحضارات في العالم العربي والإنساني. كما كتب في الموضوع نفسه الكاتب "محمد فريد أبو حديد" في روايته "زنوبيا ملكة تدمر"، عام 1941 م، أي بعد 69 عاما من الأولى، وإن كتبت الأولى لإحياء التراث، كتبت الثانية كرد فعل لقضايا اجتماعية وسياسية كانت تموج بها الحياة الاجتماعية في مصر في حينه) وهذه الرواية تحديدا تعد المؤشر الأول لتأريخ المرحلة الناضجة الثانية (. وهناك روايتان تؤكدان وجهة النظر، تلك التي ترى في نضح التعامل مع المرأة نضجا للكاتب، وهما "عذراء دنشواي" للروائي محمود طاهر حقي، التي صدرت عام 1906 م، و"فتاة الثورة العرابية " للروائي "يوسف أفندي حسن صبري "، عام 1903 م، ففي الأولى غلب الموضوع باعتبار أن حادثة دنشواي هي من أهم الأحداث الوطنية بمصر، حيث ذروة الصراع مع المحتل الإنجليزي. ورغم أن الروائي اعتمد على وثائق المحاكمة، ولم يعمل على البناء الدرامي والصراع الداخلي الواجب في الرواية، إلا أن هذه الرواية تعتبر من الأعمال الهامة تاريخيا. ويلحظ المتابع -أن العنوان والمحتوى في الرواية الأولى لم يهمل للمرأة دورها. أما الرواية الثانية فقد اعتمد الروائي بدوره على مذكرات الزعيم "أحمد عرابي"، وجعل لجندي الخدمة أو الحراسة الخاصة به دور البطولة، حيث نسج خطا رومانسيا مع إحدى الفلاحات بقريته، وكان العنوان إشارة إليها. قد لا يبرز للمرأة دور بالمعنى العملي أو التقني، لكن تكفي الإشارة إلى جدية الموضوع وعلاقته بالمرأة وهو أكيد في الروايتين المشار إليهما. ولعله من قبيل الإشارة فقط، يمكن ذكر عناوين بعض الروايات التي ماثلت الروايتين السابقتين بدرجة ما؛ ولمزيد من تزكية فكرة جدية الروائي وانتمائه، نذكر، "الفتاة الريفية" ل"محمود خيري" التي صدرت عام 1905 م"، ورواية "زينب" ل"محمد حسين هيكل" التي صدرت عام 1912 م"، و"ثريا" للكاتب "عيسى عبيد" في العام1922م". مع عقد الأربعينات من القرن العشرين، بدا جليا ظهور جيل من الروائيين رسخت على أيديهم تقنيات جنس الرواية الأدبي، وحظيت "المرأة" في الإنتاج الروائي العربي باهتمام النقد، إلا أن التوقف أمام أشكال تلك التناولات لم يلق الاهتمام الواجب، إلا من خلال الفحص العام للعمل الروائي نفسه، وليس بالنظر البانورامي المكثف عليها وحدها. وهنا، سوف نلقي الضوء على جانب منه، وهو تأمل بدايات كتابة الرواية، وموقع "المرأة" منه؛ من حيث التوظيف، ودرجة الاهتمام بدور المرأة الحقيقي في العمل الأدبي، وغير ذلك. ولعل أهمية تلك الوقفة السريعة هي البحث عن البعد الاجتماعي والأخلاقي، وربما الاقتصادي والسياسي، خلال زمن الرواية.
رواية "الوطن في العينين" للروائية "حميدة نعنع"
     تلك الرواية التي نشرت عن دار الآداب ببيروت عام 1979 م، ولم تنشر الروائية غيرها، أضافت لها بعدا جديدا في أدب المقاومة الفلسطينية. فهي كاتبة، على قلة الكاتبات الروائيات خلال تلك الفترة، بطلتها سيدة تخوض تجارب تتحدى بها تجارب الرجال في الجرأة والمعالجة. تتناول الرواية البعد الإنساني وربما البيولوجي للأنثى، والبعد الأيديولوجي لقضية ساخنة. العنوان "الوطن في العينين"، يعد تقريريا وحميما في الوقت نفسه. فكما تقول الأم لولدها أو لحبيبها "أنت في العين"، تقولها الكاتبة وبدلالاتها العاطفية، وهو ما يجعلنا نتساءل: كيف نجحت
"نادية" في تحقيق ما وعدت به الكاتبة أمام القارئ؟
"نادية" الفتاة الفلسطينية، تمارس حرية اتخاذ القرار. أحبت الفدائي "أبو مشهور" وتوحدت معه. عندما استشهد تعلقت بالثوري الفرنسي "ف ا رنك" وهو صاحب الرأي الحر وارفض الاستعمار في أفريقيا. ثم انتقلت إلى مرحلة ثالثة برفض الفرنسي والعودة إلى بلدتها "عينتاب" بفلسطين حيث التحقت بالمقاومة على أرض الوطن. إذن، نحن أمام بطل أنثوي ثوري، عبّر عن صراعاته. عندما تركت نادية الأرض وذهبت إلى فرنسا، لم يكن للنزهة، بل للمقاومة. وعندما أحبت العربي الثوري، تركته عائدة، بعد أن وجدت أنه يهادن، حيث المقاومة المسلحة. نادية هي المرأة عربية جديدة، إيجابية وفاعلة، وهي بذلك تضيف ملمحا إلى ملامح "المرأة" الفلسطينية في الرواية. وقد بدت عملية الاسترجاع والتذكر هي جوهر البناء الفني للرواية، كما بدت "نادية" منفعلة ثائرة، وهو ما جعل للصوت الزاعق أحيانا، وجودا في بعض المواضع بالرواية. وعندما كتب "غسان كنفاني" روايته "أم سعد"، كانت الأم هي التي تحث ولدها على الكفاح. وعندما قدّم "يحيى يخلف" المرأة في روايته "نشيد الحياة" بدت الشريك الموافق والمشجع. فيما بدت المرأة عند "سحر خليفة" تسعى للتحقق في "مذكرات المرأة غير واقعية".
"حكاية زهرة" للروائية "حنان الشيخ"
     من خلال نمط السارد العالم، تعرفنا على حكايات "زهرة" الضحية للمجتمع الأبوي والمستبد. تمزج زهرة بين الأب والحرب باستخدام ضمير المتكلم، وتتذكر سلوك أمها مع أخيها. يعاملها الأب بقسوة، حتى عندما تصل فترة المراهقة، وتظهر الندوب) حَبّ الشباب (على وجهها، يعنفها أكثر! أمام تلك التفرقة في المعاملة بينها وبين أخيها، نرى الأخ منطويا ومكتفيا بنفسه، أدمن المخدرات وسرقة الموتى) فيما بعد أثناء الحرب (هاجرت زهرة إلى خالها في إفريقيا. لكن كان لديها - تخوف من احتمالية اعتداء خالها عليها. وتعبّر الكاتبة عن العداوات اليومية، حتى مع زواجها. وبسبب العدوان والحرب، تعيد زهرة علاقاتها مع العالم. تترفق بأخيها الذي تحول حلمه بأن يصبح مهندسا، إلى مقاتل! ومثلما كانت السلطة أبوية عدائية قاهرة، كانت الحرب. هنا عبر جسد زهرة عن مقاومته للتحرش وهي الشابة الفتية، مثلما عبّر في طفولتها عن مواجهة القسوة الأبوية. ثم بسبب الحرب حملت سفاحا من قناص، ليتابع جسد "زهرة" من جديد آلامه، ويصبح ضحية، وإن شعرتْ بالتلذذ للمرة الأولى، مع علاقتها تلك غير المشروعة مع القناص. ومن بعيد تطرح الكاتبة بديلا عن العدوان والقتل. فلما طالت الحرب، قرر القناص أن يتزوجها، لتقع زهرة في الحيرة:
"هل كان من الضروري أن تطول الحرب حتى تستقيم الحياة إلى طبيعتها!" وعندما أبلغت زهرة القناص بأنها حامل منه، ينتهي المشهد بموتها.. تموت "زهرة"! ويبقى جسدها ضحية عدوان السلطة الأبوية والحرب.. بل والمجتمع.
"إيميلات تالي الليل". الروائيان "إبراهيم جاد الله" و"كليشان البياتي" بهذه الرواية تبدو التقنية الرقمية وقد غزت العقول وتفاعلت مع الإبداع. رواية للكاتب "إبراهيم جاد الله" والكاتبة "كليشان البياتي"، يتشاركان معا من خلال الجهاز العبقري وشبكته العنكبوتية لكتابتها) الحاسوب (. ومن خلال تبادل بعض الرسائل على البريد الإلكتروني فيما بينهما. هذا من حيث الشكل. يشغلنا الآن البناء السردي الحواري ورؤية الكتابة حول العدوان الأميركي. بداية يجمع الانتماء بمعناه العربي الواسع، والمحدود بجماعة، لكل من الكاتبين. كما تجمع بينهما تجربة خاصة جراء عدوان السلطة الحاكمة) حيث فصل الكاتب من عمله كمعيد بأكاديمية الفنون معهد المسرح، من جراء موقفه الوطني أثناء مظاهرات - 1971 م. وفي الوقت نفسه، تم اعتقال الكاتبة والصحافية "كليشان البياتي" خلال احتلال الجنود الأمريكان للعراق، وباتت ضحية عدوان سلطة أجنبية محتلة. بدت صور العدوان متوافقة مع تجربة "منال" و"حسن".. ففي العراق، كان الاعتقال حتى نالت منها حالة مرضية، وهي مرض الخوف من الأماكن الضيقة، حيث كانت الزنزانة ضيقة ولا يدخلها ضوء شمس.. كان العدوان أكثر شراسة على العراق كلها من خراب ودمار يأخذ الأخضر واليابس كما قالت في الفصل الأول.. مع ذلك كان الصمود والرغبة في التحقق والإنجاز والتحدي، وكانت تلك الأغنية الحماسية التي سجلها "حسن" يرددونها عن فلاح بسيط
"عبيد منكاش" أسقط أول طائرة أباتشي أمي ركية ببندقية صغيرة. وفي المقابل كان العدوان في مصر من السلطة المستبدة، وكم من الجروح والآلام أصابت "حسن" جراء المواجهة العنيفة مع الشرطة.. كما بات "حسن" يخشى من النزول إلى مدينة القاهرة من جراء تلك التجربة الطويلة منذ أن كان طالبا في الجامعة واعتقاله. ويتوالى السرد وتبادل الرسائل وإن وجهت إلى غير حسن أو إلى غير منال، وتتواتر الأحداث والأخبار ويتشكل نسيج عالم مكاني بلا توصيف) مكان افتراضي حيث العالم الافتراضي للحاسوب قد نسجه (. وبدا الزمان طليقا غير مستقيم، تشكله تقنية الاسترجاع والتذكر واللاوعي، كما تضيف إليه أحلام حسن ومنال بعده المستقبلي. على قدر ما تحمل تلك الرواية من ألم وشجن، تحمل عبق الشوق وروح الأمل فيما هو أفضل وأجمل. حيث "الوعي" بالقضية أية – قضية هو مفتاح الأمل. وهو ما عبرت عنه الجملة الأخيرة من الرواية: "كان السؤال دائما بوابة المعرفة، صار ويا لوعتي في الزمن الأمي ركي بوابة الآلام " 18 و19 كانون الثاني/يناير".
* خاتمة
     تتعدد الأمثلة، وتكثر الرؤى والروايات، لتبقى الرواية النسائية وبعد زمن قريب هي السجل الإنساني الذي حفظ للمرأة العربية تاريخها القديم، وقد استطاعت المرأة المعاصرة أن تضيف إليه، الرغم من كل الصعاب والعقبات وإرث جهول لقرون مضت ويمكن ايجازها في النقاط الاتية:
-صورة المرأة فردية: حينما تقدم المرأة ثائرة ضد تقاليد المجتمع وضد الرجل الذي سلبها حريتها يكتفي أيضاً بزاوية واحدة للقضية، لا تتسم بشمولية الوصف أو التقديم بحيث تبرز الرواية جميع أزماتها الاجتماعية والعاطفية و(كل) العوامل المسببة لهذه الأزمات، وانما كانت الصورة مقصورة على زاوية خاصة وقضية جزئية من قضايا الواقع المادي، تتفق ونظرتهم الواحدية وفلسفتهم الليبرالية وعواطفهم الرومانسية. ومن هنا كانت صورة المرأة في الرواية «فردية» تعبر عن أزمة الفرد في علاقاتها بمجتمعه، وأن الصورة المقدمة للمرأة في الرواية لا تعبر إلا عن زاوية خاصة نظراً منها المؤلف.

-المرأة في روايات نجيب محفوظ! بالنسبة لنجيب محفوظ نجد صورة المرأة في رواياته، وبالذات ما يندرج منها تحت وصف الرواية الواقعية، ثلاثة نماذج تستقطب الشخصيات التي وردت في هذه الأعمال، وهي في الوقت نفسه محصلة لما أفرزه الوضع الاجتماعي للمرأة أثناء الفترة الزمنية التي تصورها هذه الروايات، فهناك صورة المرأة الفقيرة وتمثلها «إحسان شحاتة» في «القاهرة الجديدة» و«حميدة» في «زقاق المدق» و«نفيسة» في «بداية ونهاية»، حيث انتهت علاقتهن جميعاً بالقوى الاجتماعية المحيطة بهن إلى السقوط بسبب شراسة الأوضاع السيئة التي يعيشها الفرد في المجتمع. وهناك صورة البرجوازية المتوسطة وتمثلها «نوال» في «خان الخليلي» و«بهية» في «بداية ونهاية» وبنات هذه الطبقة كمَّلت لهن الأسباب المادية والاجتماعية عوامل الاستمرار والبقاء. وكانت هناك صورة الارستقراطية وتمثلها «حمدية» في «القاهرة الجديدة» وكريمة أحمد بك يسري في «بداية ونهاية» وبهذا النموذج يكاد نجيب محفوظ يصبح باحثاً اجتماعياً قد أحصى أهم نماذج الحياة الاجتماعية، فهناك المرأة الفقيرة التي تكون شريحة دنيا في الطبقة الشعبية ثم هناك امرأة الطبقة الوسطى التي تعيش في مرحلة وسطى بين الفقر والغنى وأخيراً الارستقراطية بنت الذوات التي تمثل الاقطاعيين والرأسماليين الذين جعلوا «الحياة والحظ والمهن المحترمة في بلادنا وراثية».

-ملائكة وشياطين وعندما نأتي لروايات «محمد عبدالحليم عبدالله» وهو يمثل قمة النضج الفني لأدباء الرومانسية نجد أن صورة المرأة عنده لا تخرج عن اطار الموروث السلفي، وفي حدود قيمه الأخلاقية، ومن هنا كان البشر عنده في الرواية عامة «ملائكة أو شياطين»، لذلك اكتسبت شخصية المرأة عنده صورة جامدة فاقعة، فالمرأة في رواياته تحيا عنده بالحب وللحب باعتباره مهرباً من سواء الأوضاع الاجتماعية التي تعيش فيها خاصة الفقر، فإذا ما فقدت المرأة الحب فقدت معه كل مبرر لاستمرار الحياة، يتضح ذلك في معظم رواياته ابتداء من «لقيطة» ثم «شجرة اللبلاب» و«شمس الخريف» و «من أجل ولدي». وباختصار فإن صورة المرأة في روايات محمد عبد الحليم عبد الله تمثل نظرة رجعية وموقفاً تقليدياً يرفض كل تطور لوضع المرأة في المجتمع.

-المرأة بين.. الشرقاوي ويوسف إدريس!
- يقول  د. طه وادي: كان المفروض ان تنتهي الثلاثية الدراسية التي حددت لها نهاية زمنية عام 1952، بيد أن هناك نماذج جديدة لصورة المرأة في الرواية المعاصرة لا بد ان نشير إليها لسببين: الأول: أن هذه النماذج تصور المرأة (إنساناً) سوياً له دوره الايجابي الذي يوازي دور الرجل في صنع الحياة، وهذه النماذج تعد تنمية للصورة الفنية التي رسمها نجيب محفوظ «لسوسن حماد» في الجزء الأخير من الثلاثية «السكرية» .الآخر: أن بعض هذه الروايات مثل «الأرض» تعد انتقالة بارزة في تاريخ الرواية العربية، خصوصاً أنها صدرت عام 1953 في وقت قريب من الاطار الزمني للدراسة. وفي رواية «قصة حب» ليوسف إدريس نجد في «فوزية» نموذجاً واقعياً يعيش حياة الإنسان بجميع نوازعها وميولها.. والمؤلف يقدم «فوزية» كاملة الوعي لا بالكفاح ومتطلباته فقط، بل بدورها في المجتمع فهي تقول: «احنا يجب أن نعيش ونكافح علشان الناس تعيش.. احنا مش رهبان ولا ملائكة.. احنا بني آدمين!». ثم ننتقل لرواية «الباب المفتوح» للطيفة الزيات فنجد شخصية ليلى التي تحس بالمساواة الحقيقية لأول مرة حين أتيح لها حق الدفاع عن الوطن وهي تربط بين نضالها ونضال الوطن، فقضية الفرد لا تنفصل عن قضية المجتمع، وذلك أن تحرير الوطن بداية لتحرير المواطن رجلاً كان أو امرأة. تعد رواية «الأرض» نقطة تحول بارزة في تاريخ الرواية المعاصرة، لأنها تقدم لنا أول رواية واقعية شاملة لطبيعة العلاقات البشرية التي كانت تخوضها القرية المصرية، أما «وصيفة» بطلة «الأرض» فيقدمها عبد الرحمن الشرقاوي قائلاً: ولاحت لي «وصيفة» بطلة الأرض شاهقة أكثر مما تحتمل أرض قريتي ذات البيوت الوطيئة الداكنة.. وتشارك «وصيفة» في جميع أوجه النشاط الإنساني في القرية بدءاً من الكفاح والنضال وانتهاء بالبحث عن لذة للجسد، فهي إذن ليست امرأة تقليدية للعاطفة والجنس، وإنما هي إنسان يشارك في جميع نواحي الحياة.

-السباعي وإحسان عبد القدوس! أما يوسف السباعي الذي بدأ كتابة الرواية محلقاً في عالم الغيبيات برواية «نائب عزرائيل» ثم «أرض النفاق»، ثم تأتي «إني راحلة» و«بين الاطلال» فتقدمان صورة للحبيبة الحزينة في اطارها الرومانسي الفاقع بحيث تدفعها مأساتها العاطفية، إما إلى أن تنتحر في الرواية الأولى أو إلى ان تعتزل العالم وتعيش بين اطلال حبها في الرواية الثانية، وهكذا تتحرك صورة المرأة عنده في إطار عاطفي حزين يفقدها القدرة على مواصلة رحلتها وسط مجتمع أصبحت الحياة فيه مستحيلة. إن صورة المرأة في روايات يوسف السباعي مريضة بالبحث عن الحب كمصدر للسلوى عن كل سلبيات الواقع لكنها في بحثها عن الحب لا تتبين حقيقة عواطفها، ومن هنا تسترها أما بالكبرياء المزيف أو بالانشغال بقضايا اجتماعية عامة. ويجيء إحسان عبد القدوس ليجسد المرأة في روايته «أنا حرة» من خلال «أمينة» بطلة الرواية ابنة الطبقة الارستقراطية، فيطالعنا إحسان بصورة مشوهة للفتاة التي لا تؤمن بالله ولا بالمبادئ السياسية أو الاجتماعية، وإذا ما حولنا تقييم تجربة «أمينة» في ضوء الواقع المعاش للفتاة المصرية عام 1953 - عند صدور الرواية - للمسنا مدى الزيف في رؤية الكاتب للواقع حيث تجاهل كل نماذج الفتاة الصاعدة في مجال التعليم والعمل والعلاقات الاجتماعية السوية.
-روايات سطحية إن نقطة الضعف عند إحسان أنه يجعل الفتاة في الرواية لا هم لها إلا البحث عما يرضي رغباتها الشاذة.. كذلك فإن سطحية التجربة الفنية عند إحسان تنشأ أساساً من أن الرواية عنده بلا فكر واضح ويريد أن يلهي الناس بها، ولعل هذا هو ما يفسر بعض السلبيات في تكتيك الرواية عنده. ثم نأتي للرواية الوحيدة التي كتبتها أمينة السعيد -رئيسة تحرير حواء- واسمها «الجامعة» وصدرت عام 1950 فتقول «أميرة» بطلة الرواية: «إن كل شيء يهون في حياة المرأة إلا الرجل فهو محور صراعها وجهادها، وهو مبعث سعادتها أو مجلبة شقائها»، وشخصية أميرة نامية متحركة، لكن حركتها في اطار عواطفها الشاذة ورغباتها الجامحة بصورة تعكس القلق والاضطراب النفسي، لكونها فقدت حنان الأم وبهت معها دور الأم والتربية والمدرسة، لكنها في النهاية تابت إلى رشدها عن طريق المحاولة والخطأ وعاودها «الأمل» بعد أن تخلصت من الجموح، وهذا ما أعطى الرواية لمسة حنان متفائلة.
ملحق بالروايات التي عنونت بأسماء المرأة من 1871 - 1949

المصادر والمراجع:
- نجم، السيد، "أدب المقاومة.. مفاهيم وقضابا" دار الهلال - 2014 .
- نجم، السيد، المقاومة في الأدب الفلسطيني، الانتفاضة نموذجا ، اتحاد الكتاب
الفلسطينيين، 2006 .
- نجم، السيد، "المقاومة والحرب في الرواية العربية"، "كتاب الجمهورية"، 2005 .
- عبد الغني، مصطفى، من الغيم إلى المطر، مكتبة الأسرة، 2004 .
- مجموعة كتاب، "الأدب في مواجهة عصر مختلف"، هيئة قصور الثقافة، 2002 .
- الجعيدي، محمد عبد الله"، مصادر الأدب الفلسطيني، "كتاب الرياض" 2001 .
- مصطفى عبد الغني "الاتجاه القومي في الرواية" عالم المعرفة الكويت - - - 1994 .
- الخشاب، وليد "دراسات في تعدي النص" المجلس الأعلى للثقافة القاهرة - - - 1994 .
- سعفان، إبراهيم "فضاء الجرح" قراءات في أدب الانتفاضة، دائرة الثقافة بالشارقة -
1994.
- عبد الهادي، فيحاء قاسم، نماذج المرأة / البطل في الرواية الفلسطينية"، الهيئة المصرية
للكتاب، 1997 .
- السكوت، حمدي "ببليوغ ا رفيا الرواية العربية" الجامعة الأميركية القاهرة- 1997 .
- مرتاضي، عبد الملك، "في نظرية الرواية"، عالم المعرفة، الكويت، 1998 .
الهوامش:
1 د. حمدي السكوت "قراءة عن ببليوج ا رفيا الرواية العربية"، 1995م

 وفي ورقة الاديبة نجلاء حسون التي جاءت كما يلي
مقدمة : 
خلال مسيرة الكفاح الوطني المسلح من أجل الاستقلال ، والنضال الاجتماعي من أجل الحرية والعدالة والمساواة برزت مناضلات في كل أرجاء الوطن العربي مثل مصر وسوريا وفلسطين والجزائر وغيرها من البلدان العربية 
قدّمت المرأة العربية خلال نضالها وكفاحها الوطني العديد من التضحيات ، فمنهن من خُضن غمار هذا الكفاح ونلن قسطهن من عواقبه ، من سجن وتعذيب ، وسقطت العديد منهنّ شهيدات للواجب الوطني ، فظهرت قافلة من المناضلات والشهيدات في كل أقطار الوطن العربي ، وأذكر هنا بعض المناضلات والرموز النسائية الثورية اللواتي ناضلن من أجل استقلال بلادهن ، وشاركن في العمليات الفدائية ، بل أن بعضهن قدّمن أنفسهن إلى الموت من أجل أوطانهن والقضية التي يناضلن من أجلها . 
1 – جميلة بوحيرد المناضلة الجزائرية التي حاربت الاستعمار الفرنسي لبلادها 
2 – سناء محيدلي والتي عُرفت بأنها أول انتحارية في العالم ، وهي لبنانية ، نفّذت عملية انتحارية في جنوب لبنان المُـحتل آنذاك سنة 1985 استهدفت خلالها قافلة تابعة للجيش الإسرائيلي 
3 – ليلى خالد والتي عُرفت بأنها أول امرأة تخطف طائرة ، وهي فلسطينية مناضلة ضد الاحتلال الإسرائيلي ، وقد قامت بخطف طائرة إسرائيلية عام 1969 وحوّلت مسارها إلى عمّان بهدف إطلاق سراح المعتقلين في فلسطين 
وغيرهن الكثيرات وليست آخرهن شيرين أبو عاقلة 
الدراسة : 
الكثير من كُتّاب الرواية العربية المعاصرة وخاصة الذين ارتبطوا بالعمل السياسي والنضالي يقدمون صورة إيجابية عن المرأة المناضلة ، ويُظهرونها بدورها الحقيقي بمشاركتها للرجل في تحمل كل أنواع المسؤولية الوطنية والسياسية والاجتماعية والدةً وزوجةً وأختاً مناضلة واعية ، وقد أدّت هذه المسؤولية بكل جدارة .
سأذكر هنا بعض الروايات التي تكلمت عن هذا الدور النضالي للمرأة ، وهنا أذكر الأم الفلسطينية المناضلة في ثلاث روايات هي : 
1 – رواية ماء السماء للكاتب يحيى يخلف ، في هذه الرواية التي تصوّر النضال الفلسطيني قبل نكبة فلسطين عام 1948 وانتقال الشعب الفلسطيني مهجّراً مشتتا في كل أنحاء العالم ، وقد أورد الكاتب صورةً لدور المرأة في مرحلة نهاية الأربعينيات ، وكانت بطلة روايته العمة حفيظة ، امرأة قوية مناضلة برعايتها للمجاهدين ، تتزنر بالرصاص ، وتقاتل معهم ، وتؤمّن لهم الذخيرة والطعام ، كما أبرز الكاتب دور الشابة بدرية في مخيمات اللجوء والتي تنتمي للعمل النضالي ، وتشارك في المظاهرات ، تتسلل إلى الأزقة لتلتقي بالمناضلين الذين يختبئون من العدو ، وتوجّه الرجل المناضل حين تشعر أنه ابتعد عن هدفه قائلة : يحتاجك البسطاء والفقراء وأبناء المخيمات فلا تبتعد عنهم . 
2 – رواية العُشّــاق للكاتب رشاد أبو شاور 
يرسم أبو شاور في روايته صورة للأم المناضلة ، وبطلته هي أم حسن ، الأم الفلسطينية القروية البسيطة والتي تُمثل أمَّ الجميع ، هي أمٌّ لكل الشباب المناضلين ، أمٌّ لكل عشاق فلسطين ، فها هي تستقبل أحدهم رفيق ولدها ساعة خروجه من السجن بالأحضان بعد أن ناداها "يمّه أم حسن" رفعت رأسها فرأته يقفز عن حافة حفرة ، فانتزعت جسدها من الطين ، وفردت ذراعيها ، أسند رأسه على كتفها ، فأخذت تتأرجح مع جسده وهي تقبله وتقول السجن لا يُميت الرجال 
3 – رواية  أم سعد للكاتب غسان كنفاني 
في هذه الرواية قدّم الكاتب المرأة المناضلة في أعظم تجلياتها حين حوصر ابنها سعد مع رفاقه الفدائيين في موقع داخل الأرض المحتلة ، ويطول الحصار أياماً ، يعانون خلالها من الجوع والتعب ، تمرُّ بهم آنذاك امرأة قروية فيقول سعد : ها قد جاءت أمي ، فيعلق أحد رفاقه لا بُدّ أنه جُنّ فكيف لأمه أن تأتي إلى هنا؟ 
لكن سعد يُصرُّ على أنها أمّه ، فيقترب منها وينادي "يا يمّه أنا جوعان يا يُمّه ، ردّي عليّ ، أنا هون يمّه" ويدنو منها سعد أكثر فأكثر وحين يُصبح مواجهاً لها تضمُّه إلى صدرها بلهفة وفخر وإعجاب ، وتُحضر له ولرفاقه الطعام خلال خمسة أيام ، وتراقب لهم الطريق ، وحين يفكّ العدو الحصار ، تذهب إليهم وتخبرهم بفكّ الطوق ليخرجوا . 
على هذا النحو كانت الأم الفلسطينية وعلاقتها بأبناء الوطن ، نابضة بالحب والمودة والاحترام والصدق الإنساني ، فمع الأم الفلسطينية وتحت أجنحتها الملائكية يتحول أبناء الوطن إلى أسرة متماسكة تُنشد هدفاً ساميا هو تحرير الأرض من مغتصبها .

 اما الاديبة هبه قندقجي فقالت اهلا بكم اهل ملتقى السلع في الندوة (١٨) التي تعكس رؤية الرواية العربية لما للمراة من شؤون وشجون، ومطالب وتضحيات لاجل مستقبلها

وحرصت في ورقة العمل هذه ان ٱتي على مدلولات الرواية، وامكاناتها،  وما تفعله للمراة المعاصرة

 وشكرا لراعي الندوة معالي الوزير الاستاذ سميح المعايطة، ولرئيس المنصة الاستاذ غازي العمريين، وللمشرف الاعلى معالي د.فيصل الرفوع

فاءن الرواية تصور تجربة إنسانية تعكس موقف كاتبها إزاء واقعه بنفس القدر الذي تفصح فيه عن مدي فهمه لجماليات الشكل الروائي. والرواية تقول- هذا وأكثر- من خلال أداة فنية مميزة هي....الشخصية. وهذا ما جعل بعض النقاد يعرفون الرواية بقولهم إنها" فن الشخصية"
وعلى هذا تُقاس جودة الرواية فنيًا بمدي قدرتها علي تقديم مجموعة من الشخصيات: أساسية كانت أم ثانوية- هذه الشخصيات يجب ان تكون قادرة علي أن تقنع القاريء بصدق الحياة القصصية التي تصورها، تلك الحياة ( المتخيلة)- في الرواية- تجسد قضية ، يريد الروائي ان يطرح من خلالها: موقفًا فكريا ورؤية خاصة، إزاء واقع محدد، تعيشه شخصياته الروائية.
من هنا يتحتم ضرورة توضيح صورة الزمان والمكان في الرواية، لا باعتبارها خلفية للأحداث فحسب، وإنما لكونهما عاملين مؤثِّرين في تحديد شكل حركة "الشخصيات" في الرواية. وإذا كان طموح الفن دومًا إلي رصد الواقع والتعبير الجمالي عنه وعكس حركته، فإن الرواية الحديثة- أقرب إلي عوالم الأدب إيحاء بعكس حركة الواقع وتقديم صورة حية له- قد أعطت( المرأة )بعضًا مما أعطاه الواقع لها.
فالمرأة نصف المجتمع، ومعظم الأدباء والفنانين رجال..لكنهم كانوا – في الغالب- أكثر ديمقراطية وتقدمية من الواقع الذي عايشوه؛ فاحتفوا بالمرأة حفاوة بالغة منذ بدأ الإنسان يبدع ويتفنن حتي اليوم. فقد كانت المرأة- في الفن كما هي في الحياة- ملهمة.. وراعية..وشريكة حياة.. ودافعة للحرية..ومحركة للآمال..كما كانت لدي البعض أيضًا مصدرًا للآلام والأحزان.
وفي دراسة للدكتور طه وادي بعنوان ( صورة المرأة في الرواية العربية) ، تناول بالدراسة والتحليل التغيرات السياسية والاجتماعية والفكرية والأدبية التي انعكست في الرواية باعتبارها وثيقة الصلة بالواقع.
ومن خلال الدراسة تبرز ملامح هذه التغيرات لا من خلال التطور العام للرواية في هذه الفترة، وإنما من زاوية خاصة هي زاوية الصورة الفنية للمرأة. ذلك أن حركة المرأة والمجتمع في مصر كانتا متوازيتين في طريق التحرر: تقدمًا وانتكاسًا، وكان رأي الأديب في الرواية إزاء قضية المرأة مواكبًا لموقفه الفكري العام.
حاولت الدراسة أن توضح: كيف عبر الروائيون عن الواقع من خلال صورة المرأة، وتحديد الدلالة الفكرية والملامح الفنية للصورة!
وكان من أسباب اختيار صورة المرأة في الرواية لتكون موضوعا للدراسة،"إن مجتمعنا يتغير في مجتمعنا يتغير نحوالنضج في لهفة وترقب، وهذا هو ما جعل تجربة الفتاة أخصب التجارب في مجتمعنا، لأنها- لا الفتي- تنعكس عليها سمات التغيير، وتصاحب حركته في المستقبل، وتخوض معه عين تجربة إثبات الوجود، وتكثف مشاعر التغيير التي يمر بها المجتمع ككل، بحيث يمكننا القول إنها تصلح من الناحية الفنية أن تكون رمزًا له.
وقد كان الروائيون في مصر علي وعي تام بهذه الحقيقة- حقيقة ارتباط حركة المرأة بحركة المجتمع من ناحية، ومن ناحية أخري دلالة المرأة كرمز ثري موحً،
وحسب الكاتب، فإن صورة المرأة في الرواية كانت تتعدي وجودها الفردي لتعبر عن حقائق أبعد من هذا الوجود،كأن تكون رمزًا للنوع الأنثوي، أو لطبقة أو لشريحة اجتماعية خاصة.
وقد اتضح أيضًا من التطور الفني لصورة المرأة في الرواية ، أن محاولة الروائي إظهار المرأة كإنسان حر، يُساهم في بناء الوطن علي قدم المساواة مع الرجل لا يظهر إلا في الفترات التاريخية القريبة من ثورة 1952؛ أي أن ظهور نموذج إنساني سوي في الرواية لا نظفر به إلا مع بداية التحرر الحقيقي للوطن. وعلي هذا تبدو الرواية كما يقول د.ه. لورانس:" أرفع مثل للاتصال المتبادل اكتشفه الإنسان".
أما عن الرواية فهي تتصل عن قرب شديد بنهضة الوطن وتحرر المرأة، بل إننا نستطيع أن نذهب إلي أن الرواية تُدين لهذين العاملين قبل غيرهما من أسباب وجودها وازدهارها في مصر. لقد عرفت مصر الرواية مترجمة مع عصر محمد علي ،ثم انتقلت إلي طور الاقتباس والتمصير في نهايات القرن التاسع عشر، ومع نمو الوعي القومي ونضج الشخصية المصرية كانت الرواية الرائدة لمحمد حسين هيكل( 1914) معبرة عن اعتزاز المصري بمصريته وتمسكه بأن تكون مصر للمصريين.
كذلك ارتبط الازدهار الحقيقي للرواية في الثلاثينيات من القرن العشرين بتعلم المرأة وتحررها. ولا شك أن هذه المواكبة الجماعية لنهضة الوطن وتحرر المرأة وازدهار الرواية كانت من أهم العوامل التي دفعت إلي هذه الدراسة من ناحيتين:
الأولي: أنه لا توجد دراسة كاملة تستوعب تاريخ الرواية المصرية بين الثورتين (1919- 1952).
الثانية: أنه يعالج الرواية من زاوية خاصة لم يسبق إليها، هي زاوية الصورة الفنية للمرأة في الرواية ودلالتها الفكرية، وعلاقتها بالواقع المنعكسة عنه.
وتقع الدراسة في مدخل عام وبابين كبيرين:
المدخل : يتحدث عن الجذور الاجتماعية للانتقالات الأساسية في التاريخ المصري الحديث، ومذاهب التعبير الأدبي المواكبة لها بين الثورتين. كما يوضح تطور قضية المرأة في الفكر والواقع إلي قيام ثورة 1952.
ويأتي الباب الأول: بعنوان ( الصورة الفردية للمرأة في التيار الرومانسي)
ويقع في ثلاثة فصول:
الفصل الأول: الازدهار الرومانسي والصورة النامية للمرأة ،ويتناول الروايات الاجتماعية التي صدرت حتي سنة 1944.
ويري الكاتب أن الروائيين كانوا يجمعون علي وصف المرأة بجمال الخلقة والتكوين ، وذلك إلي مثاليتهم الرومانسية الحالمة، وإلي تأثرهم بالحكايات الشعبية التي تصور البطلة دائما علي أنها ست الحسن والجمال.
أما من حيث علاقة الصورة بالمجتمع فقد كانت القضية التي تتحرك في إطار المرأة تمثل أزمة الأديب ذاته وتجسد مشكلة العصر من وجهة نظره.
فالروايات تبدأ بالحب ومشكلاته، ثم تتطور إلي نوع من الاحتجاج الفردي علي بعض أزمات التفاوت الطبقي ومشكلات العصر السياسية. وقد أدي هذا إلي صورة المرأة في الرواية قد عكست بعض ملامح الواقع المعبرة عنه والعصر الذي كُتبت فيه.
والفصل الثاني: ( أزمة الرومانسية والصورة السلبية للمرأة): ويدرس الروايات الرومانسية بين سنتي 1944-1945 .
ويري أن الأزمة الحقيقية لمن سماهم" الرومانسيين الجدد" تنبع أساسًا من أزمة البرجوازية الصغيرة كجماعة أحست أن الوطن مضيع سياسيًا ،وأنهم مضيعون اجتماعيًا، ومن هنا كان التعبير عن الحب الحزين تجسيدًا لأزمة الضياع هذه، وكانت صورة المرأة في الرواية ( والرجل من باب أولي) سلبية هروبية؛ لأنها أحسَّت بالعجز وعدم القدرة علي التصدي للواقع الذي تتحرك فيه.
وننتهي إلي أن هذه الصورة منسلخة عن مجتمعها وما يمور به من حركات فكرية واجتماعية وسياسية. وانحصرت أزمتها في موقف عاطفي حزين يعزلها عن واقعها الحقيقي، ولهذا جاءت الصورة لا تحمل تقدمًا فكريًا ولا عمقًا فنيًا. ومن هنا تتأكد علاقة الشكل بالمضمون، وتتضح أزمات الأشكال الفنية علي أنها أزمات فكر لا يواكب الواقع ومتطلباته بالدرجة الأولي.
الفصل الثالث: صورة المرأة في الرواية التاريخية.
و فيه يدرس الروايات التاريخية في مصر بين الثورتين (1919-1952).
ومع أن الرواية التاريخية أحد اكتشافات المذهب الرومانسي ، تدين له بالوجود وتقترن بطريقته في المعالجة الفنية، إلا أن الرواية تكاد تقترب من الواقعية سواء من حيث التعبير أو الالتزام بموقف من خلال الصورة التي يقدمها الأديب في الرواية.
لذلك سنجد الكُتاب في هذا التيار سرعان ما يتخطون هذا الدور المرحلي إلي الواقعية الاجتماعية، وهذا سيفضي إلي أن أجنحة الواقعية كانت كامنة في مُخيِّلة الكاتب. وإن روعة البناء الفني في هذه الرواية نابعة من تخطي الإطار التاريخي للوصول إلي مضمون اجتماعي تقدمي، لأن التاريخ في هذه الروايات ليس إلا ظاهرًا خادعًا لرؤية جديدة.
والباب الثاني: الصورة الديناميكية الإيجابية للمرأة في الرواية الواقعية: ويقع في ثلاثة فصول:
الفصل الأول: يتناول بالدراسة الإرهاصات الواقعية في الرواية حتي عادل كامل
ظهرت الواقعية في البيئة المصرية بناء علي مطالب حقيقية يفرضها الواقع ويطالب بها، ولقد اجتاز الروائي المصري مرحلة الانبهار بالذات والتغني بآمالها وأحلامها الفردية، إلي مرحلة جديدة يدرك من خلالها الذات كحلقة في البنيان العام للوطن،ومن هنا شغلت الرواية بالقضايا الوطنية أكثر من انشغالها بعواطف الفرد، وغدت انعكاسًا إيجابيًا لحركة الواقع.
ورصد الكاتب رواية ( عاصفة فوق مصر) لعصام الدين حفني ناصف الصادرة عام 1939كأول عمل روائي واقعي انشغل الكاتب فيه بنشر الفكر الاشتراكي والمناداة برفع الظلم الاجتماعي عن العمال والفلاحين.
ومرورًا برواية ( صرعي البؤس) لأحمد محمد عيش(1940) ،ويُطلعنا فيها المؤلف علي مظاهر البؤس الاجتماعي التي يتعرض لها صغارالفلاحين والعمال.
ويُعد عادل كامل بروايته ( مليم الأكبر) الصادرة عام (1944) من المؤصلين للاتجاه الواقعي في الأدب والفكر الاشتراكي في مصر، ويعتبر حلقة الوصل بين الرومانسية والواقعية. ففكره –عن طريق أبطاله- يموج بالجدل المادي وجبرية التاريخ وصراع الأجيال، ولكنه يعالج فكرة النضال بالخيال الرومانسي الحالم
الفصل الثاني: صورة المرأة في روايات الواقعية النقدية
ويمثل هذا الاتجاه الروائي نجيب محفوظ، الذي ترجع أهميته إلي أنه له أكبر الأثر في تطوير الرواية العربية، ولم يهتم بأن يقصر تجارب "الناس" في رواياته علي تصوير العواطف فحسب، ولكنه ربطها بكافة العوامل التي يتأثر بها الفرد في المجتمع.
ولذلك تبدو صورة المرأة عنده إيجابية متفاعلة ،علي أن الذي يجب أن نؤكده بالنسبة لصورة المرأة خاصة- والناس عامة- في الرواية عنده، أنه يقف بهم عند حدود طبقته ( البرجوازية الصغيرة)، وإذا ما حاول تصوير بعض الفئات الاجتماعية العليا أو الهابطة ،فإنه يبعدهم عن دور البطولة في الرواية.
ويشير الكاتب إلي صورة المرأة الفقيرة عند نجيب محفوظ في شخصيات: إحسان شحاته) في ( القاهرة الجديدة) و حميدة في ( زقاق المدق) ونفيسة في ( بداية ونهاية).كما نجد المرأة البرجوازية كما في صورة نوال في ( خان الخليلي) وبهية في( بداية ونهاية). والصورة الأرستقراطية كما: في تحية حمديس في رواية ( القاهرة الجديدة) وكريمة أحمد يسري في ( خان الخليلي)
وفي نهاية الفصل يرصد الكاتب مقارنة بين صورة المرأة بين الرواية الرومانسية والواقعية، ويحدد السمات العامة لصورة المرأة عند أدباء الرومانسية الجدد، وعند الأدباء الواقعيين من خلال ( موقفهم الفكري) من قضية المرأة في المجتمع. يبرر هذه المقارنة أن أصحاب التيارين كانا معاصرين لفترة زمنية واحدة، كما أن النموذج الذي يركز عليه الأدباء في المدرستين نموذج واحد، هو المرأة- البرجوازية الصغيرة.
الفصل الثالث: صورة المرأة في ثلاثية نجيب محفوظ، وامتدادات النموذج السوي للمرأة في الرواية الواقعية بُعيد ثورة سنة 1952.
وتمثل الثلاثية ثلاثة أطوار فكرية مر بها المجتمع المصري من حيث تكوينه السيسيولوجي والأيديولوجي: ف (بين القصرين) تمثل مرحلة الإيمان المطلق والخضوع الكامل له..ابتداء من الإيمان بالله في مجال الدين وبسعد زغلول في ميدان السياسة، وبالأب( البطريارك) في محيط الأسرة..فالتوحيد والإيمان هنا مطلق لا تشوبه شائبة شك.
و(قصر الشوق) تمثل مرحلة التردد بين الشك واليقين، الحيرة بين الدين والعلم
و(السكرية )تمثل الانتماء لموقف لا يحيد عنه الإنسان بالنسبة لكل القيم والمباديء
وتقدم الثلاثية في شبه إحصاء تسجيلي النماذج النسائية المختلفة التي زخرت بها القاهرة في نصف القرن الماضي بكافة مستوياتها الاجتماعية، وأثناء هذا المسح تقدم المرأة في جميع صور علاقتها بالرجل، تلك العلاقة التي ستظل المفتاح الرئيسي للحياة الإنسانية، ذلك أن المرأة ضرورة حتي لمن يعشقها.
وهي تُضيف إلي صور النماذج البشرية رصد بعض القضايا التي تخص المراة وتتصل بها ومن ذلك وصف مشاركتها في ثورة 1919. وتثبت تاريخ دخول الفتاة الجامعة وسر إقبالها علي كلية الآداب، وأن العمل بداية للمساواة بين الرجل والمرأة
وقد حاول الكاتب أن يلتزم أثناء تحليله للرواية في البحث بوجهة النظر الواقعية التي لا تهتم بإظهار العلاقات الجمالية في العمل الأدبي فحسب. بل تضيف إلي ذلك إبراز الموقف الفكري للأديب من خلاله تقديمه لصورة المرأة في الرواية.
ومن خلال بعض النماذج الجديدة التي قدمتها الرواية العربية المعاصرة، والتي تبرز فيها صورة للمرأة ينبغي أن تسود، من حيث كونها إنسانًا يُشارك في بناء الوطن وصنع الحياة.
وإن تأخر ظهور هذه النموذج الإنساني المساوي للرجل دليل علي أن الواقع لم يكن يقدم هذه الصورة، وحين بدات التغيرات الاجتماعية والسياسية تطوروجه الحياة في المجتمع واكب الفن الحياة، وبدات الرواية تصور هذا النموذج وتقدمه. وإن كان هذا لا ينفي أن بعض الروائيين قد سبق عصره حين استشرف ملامح هذا النموذج الذي لا يتحقق إلا في إطار اشتراكي حر يعامل المرأة بنفس المقياس الذي يعامل به الرجل، وسوف تمضي حركة المستقبل إلي الأمام من أجل تطوير الحياة في الأدب، ومن أجل غد اكثر حرية للإنسان العربي: رجلًا..وامرأة.