آخر الأخبار

ورقة لندوة السلع تحمل توجيهات ملكية عن إيجابيات المنصات

راصد الإخباري :  


راصد - الطفيلة
من عبدالله الحميدي


رسائلُ ملكيةٌ في رسالةٍ إلكترونية:كانت قراءةٌ في رسالةِ جلالةِ الملكِ عبدِ الله الثاني ابنِ الحسين حولَ مِنصّات التواصلِ 

تلك كانت ورقة عمل أعدها الناقد واستاذ الادب العربي في جامعة الطفيلة د.ابراهيم الياسين، ورقة أخيرة في ندوة ملتقى السلع الثقافي

قال أن  العنوانُ يشكل عتبةً نصيةً إشهاريةً دالةً في الخطاب؛ وذلك لأنّه يحملُ في طياتهِ لغةً خاصة

 والرِّسالةُ كما يُقال تقرأُ من عنوانِها؛ بوصفهِ وسيلةَ الاتّصالِ الأولى بينَ المُرسل/الكاتب والمُستقبل/القارئ، فعُنوانُ الرِّسالةِ الملكيةِ "منصاتُ تواصلٍ أم تناحرٍ اجتماعي؟" ذو محمولاتٍ دلاليةٍ، وعلاماتٍ إيحائيةٍ، وهو مُكّونٌ من جملةٍ اسميّةٍ ذُكرَ فيها الخبرُ، وحُذفَ منها المبتدأُ، وهذا الحذفُ فيه استفزازٌ مُبكّرٌ للمُتلقّي /القارئ للبحثِ عن المحذوف، ويمكن تقديره هنا بقولنا: منصاتُ التواصلِ الاجتماعي أهي منصاتُ تواصلٍ أم تناحر؟

وقد جاءَ عُنوانُ الرِّسالةِ الملكيةِ على هيئةِ سؤال، والسؤالُ بحدِ ذاتهِ علامةٌ سيميائيةٌ تعكسُ قلقَ السائلِ وحيرتَه؛ فصاحبُ الجلالةِ وهو مرسلُ الخطابِ قد أحسَّ بخطرٍ جسيمِ من جرّاءِ الاستخدامِ السلبي وغيرِ الراشد لمنصّاتِ التواصلِ الاجتماعي المختلفة، فطرحَ سؤالاً عميقاً؛ لكي يُشركَ المُتلقّي/المُتلقّين بالبحثِ عن إجاباتٍ دقيقةٍ لهذا السؤالِ المقلق، حيث يقولُ جلالتُهُ في مقدّمةِ رسالته: "أردتُ عبرّ هذا المقالِ أن أخاطبَ جميعَ أبناءِ وبناتِ الأردنِ الغالي؛ لأشجعَ النقاشَ البناءَ حولَ أولوياتِنا وقضايانا المهمةِ، وهي كثيرةٌ ومتنوعةٌ ومنها: السياسيُ والاقتصاديُ والاجتماعي....ولكنني ارتأيتُ في هذا المقالِ أن أركزَ الجُهدَ على مسألةٍ جوهريةٍ وهي بعضُ الظواهرِ الاجتماعيةِ المقلقةِ على مِنصّاتِ التواصل الاجتماعي".

والسؤالُ من جهةٍ أخرى فيه إثارةٌ للمتلقّي ولفتٌ لانتباههِ للسائلِ، ولنص السؤال، وللبحث عن إجاباتٍ وافيةٍ وعميقةٍ له؛ وبذا يكون العُنوانُ قد حقّق غايتينِ نفعيتينِ متداخلتين: الأولى تتعلّقُ بالمِرسلِ أو السائل، والثانيةُ تتعلّق بالمستقبلِ أو المُتلقّي. فالسائلُ هو رأسُ الدولةِ وصاحبُ الولايةِ ورئيسُ السلطاتِ الثلاث: التشريعيةِ والقضائيةِ والتنفيذية، والمسؤولُ هو الشعبُ بجميعِ فئاتهِ، وأفرادهِ، ومؤسساته، والدولةُ بجميعِ مؤسساتِها وأجهزتها، ونصُّ السؤالِ حولَ منصاتِ التواصلِ الاجتماعي المختلفةِ من حيث أهميتُها، والغايةُ من إنشائها، وآلياتُ استخدامها، وكيفيةُ التعاملِ معها من قبلِ المستخدمين، حيث يقولُ جلالتُه: "قد يكونُ عصرُنا شاهداً على أكبرِ تغييرٍ في تاريخِ الإعلامِ والتواصل، وفي أنماطِ استهلاكِ المعلوماتِ وإنتاجِها ونشرِها والتعاملِ معها...وتوفرُ تلك المنصاتُ صوتاً مسموعاً، وفرصاً غيرَ مسبوقةٍ للتواصلِ، وهي في غايةِ الأهميةِ إلاّ أنني بدأتُ أرى مؤخراً على منصاتِ التواصلِ الاجتماعي محاولاتٍ لخلخلةِ ثوابتِنا وقيمنِا الأردنيةِ المثلى، التي تجسدُ معانيَ الأخوةِ والتضامنِ والتكافلِ، وهو ما دفعني لمخاطبتكم اليوم".
فعندما يكونُ السؤالُ موجهاً من رأسِ الدولة وقائِدِها لجميعِ أبناءِ الوطن ومؤسساتِه يكونُ الأمرُ خطيراً جداً، وتكونُ المشكلةُ صعبةً وتحتاجُ إلى تدابيرَ مجتمعيةٍ مشتركةٍ لمناقشتِها والتحاورِ في مفاصلِها وتفصيلاتِها، ومن ثَمَّ إيجادِ الحلولِ الناجعةِ والنافعةِ للتخلصِ منها أو تقليلِها،

 يقول جلالتهُ: "فحينَ نتصفحُ منصاتِ التواصلِ الاجتماعي نصطدمُ أحياناً بكمٍ هائلٍ من العدوانيةِ، والتجريحِ، والكراهيةِ، حتى تكادُ تصبحُ هذه المنصاتُ مكاناً للذمِ والقدحِ، وتعجُ بالتعليقاتِ الجارحةِ، والمعلوماتِ المظللة، التي تكادُ تخلو من الحياءِ، أو لباقةِ التخاطب، أو الكتابةِ، دونَ مسؤوليةٍ أخلاقيةٍ، أو اجتماعيةٍ، أو الالتزامِ بالقوانين التي وجدت لردعِ ومحاسبةِ كلِّ مسيء".

إنّ هذا التشخيصَ الملكي لهذهِ المواقعِ وطرقِ استخدامها من قبل البعض يستدعي الاهتمامَ من المؤسساتِ الرسميةِ والأهليةِ جميعِها، ومن أجهزةِ الدولةِ ذاتِ الاختصاصِ والعلاقة، ويتطلب وعياً من قبلِ الأفرادِ المستخدمينَ لتلك المنابرِ التواصليةِ المختلفة، ويحتاجُ جهوداً مكثّفةً من قبلِ شركاتِ منصاتِ التواصلِ الاجتماعي، يقول جلالتهُ: "إن استخدامَ منصاتِ التواصلِ الاجتماعي يملي علينا أن نكونَ على قدرِ المسؤوليةِ في تفاعلنا مع أحداثٍ يشهدها الوطن...."
وقد بثَّ جلالةُ الملك حفظه اللهُ ورعاه في هذه الرِّسالةِ الملكيةِ الساميةِ جملةً من الرسائل، التي ينبغي أن نركزَ عليها، وأن نأخذَها بمحلِ الجَد، وموضعِ الاهتمام؛ للتخلصِ من تبعاتِ الاستخدامِ غيرِ الراشد لمنصاتِ التواصلِ الاجتماعي وآثارِهِ السلبيةِ على الوطنِ والمواطن، ومن هذه الرسائل:

أولاً:- الدعوةُ إلى التعاملِ مع منصاتِ التواصلِ الاجتماعي تعاملاً إيجابياً حكيماً عقلانياً، والالتزامِ بما وجدت هذه المنصاتُ من أجله. على أن تكونَ هذه المنصاتُ مكاناً فاعلاً للحوارِ البناء، والنقاشِ المثمر حولَ أولوياتِنا الوطنيةِ، وقضايانا المختلفةِ: السياسيةِ، والاقتصاديةِ، والاجتماعيةِ، والثقافية، والتعليمية وإبداءِ الآراءِ ووجهات النظر. 

ثانياً:- الدعوةُ إلى التصدّي بحزمٍ وجديةٍ في ظلِ سيادةِ القانون لكلّ من يسيءُ استخدامَ هذه المنصاتِ التواصلية، ويتخذُها وسيلةً لإشاعةِ العدوانيةِ، والكراهيةِ، والتجريحِ، وبثِّ الإشاعاتِ المغرضة، ونشرِ المعلوماتِ المضللة، التي تهدفُ إلى خلخلةِ ثوابتنا القيمةِ والأخلاقيةِ النبيلة، وإثارةِ الفتنة، وتفكيكِ النسيج الوطني، واغتيالِ الشخصيات، والنيلِ من الرموزِ الوطنية دون مسؤوليةٍ أخلاقيةٍ، أو اجتماعيةٍ، أو قانونية. وهم كما قال صاحبُ الجلالةِ أصحابُ أجنداتٍ خاصة. "وعلينا جميعاً أن لا نتوانى عن مواجهةِ من يختبؤون وراءَ شاشاتِهم وأكاذيبِهم بالحقيقة. وبإمكانِ كلُّ من يتعرّضُ للإساءةِ أن يلجأ للقضاءِ لينصفَه، فنحن دولةُ قانونٍ ومؤسسات"

ثالثاً:- الدعوةُ إلى التمسكِ بالأخلاقِ الإسلاميةِ السمحة، والحفاظِ على القيمِ الأردنية النبيلة، التي توارثناها عن الآباءِ والأجدادِ، ومحاولةِ غرسِها عندَ الأبناءِ لكونها (المرساةَ)، التي تحفظُ ثوابتَنا، والدرعَ الواقي، الذي يمنحُنا القوةَ  والصلابةَ في مواجهةِ العواصفِ التي تضربنا. 

رابعاً:- التحذيرُ من الإشاعاتِ والأكاذيبِ والأخبارِ الملفقةِ، التي تستهدفُ معنوياتِ الأردنيين، والدعوةُ إلى التأكّدِ بكلّ الوسائل من مدى صحتِها وحقيقتِها، وتحكيمِ العقلِ والمنطقِ في تقييمها؛ لما لها من أخطارٍ جسيمةٍ وآثارٍ سلبية؛ لذا وصفها صاحبُ الجلالةِ بـ(الوقود)، الذي يغذّي به أصحابُ الأجنداتِ متابعيهم لاستقطابِ الرأي العام، أو تصفيةِ حساباتٍ شخصيةٍ وسياسية. يقول جلالته: "يحضرُني هنا موجةُ الإشاعاتِ والأكاذيبِ التي انتشرت في فترةِ إجازتي المعتادةِ، لا بل حتى وبعدَ عودتِي واستئنافِ برامجي المحلية ظلَّ السؤالُ قائماً أين الملك؟ ليستمرَ البعضُ بالتشكيكِ في وجودي حتى وأنا أمامَهم. هل أصبحَ وهم الشاشاتِ أقوى من الواقعِ عندَ البعض؟". 

خامساً:- الدعوةُ إلى تطويرِ التشريعاتِ الوطنية، ووضعِ القوانينِ الرادعةِ والناظمةِ لصونِ حريةِ التعبيرِ وحمايتِه، وحفظِ حقوقِ المواطنين، والقضاءِ على الإشاعاتِ والأكاذيبِ، ومنعِ التحريض على الكراهيةِ والعدوانيةِ واغتيالِ الشخصيات، والحدِّ من الاستخدامِ السلبي وغيرِ الراشد لوسائلِ التواصلِ الاجتماعي. يقول جلالته: "لقد أصبحتِ الحاجةُ ملحةً اليومَ لتطويرِ تشريعاتِنا الوطنيةِ، بما يؤكدُ صونَ حريةِ التعبير وحمايته، ويحفظُ حقَّ المواطنين في الخصوصية، والقضاءِ على الإشاعاتِ والأخبار المضللة".

سادساً:- التأكيدُ على المسؤوليةِ الفرديةِ والمجتمعيةِ والمؤسسية في تلقي الأخبارِ ونشرِها عبرَ المنصاتِ التواصلية. وقد أشار جلالتُه إلى الدورِ الكبيرِ الملقى على عاتقِ الحكومات، وشركاتِ منصاتِ التواصل الاجتماعي، والمنابر الإعلامية وعلى الإعلاميين، والجهاتِ الرقابية والقانونية. يقول جلالته: "آمل أن تكونَ حكومتُنا الحاليةُ عندَ حسنِ ظننا، وأن ترتقيَ لتوقعاتِ شعبِنا في هذا الخصوص دون أن نُغفلَ هنا مسؤوليةَ منابرِ الإعلام والإعلاميين".

سابعاً:- التذكيرُ بأنّ التطويرَ والإصلاحَ هما شعارُ صاحبِ الجلالةِ الهاشمية منذُ أن تولى سلطاتِه الدستوريةَ، وأنّه يحاولُ دائماً من خلالِ كتبِ التكليفِ الساميةِ للحكومات المتعاقبةِ، والأوراقِ النقاشيةِ والرسائل الملكيةِ طرحَ الأولوياتِ والقضايا الوطنية أمامَ الشعبِ ومؤسساتِ الدولةِ للنقاشِ والتحاورِ، وتبادلِ الآراء، وإيجادِ الحلول؛ من أجلِ البناءِ على المنجز، والنهوضِ بالوطن، وصنعِ المستقبلِ المشرقِ للأجيالِ القادمةِ بعزمٍ وإرادةٍ وثباتٍ وقوةٍ وإيجابية.

ثامناً:- التأكيدُ على أنّ منصاتِ التواصلِ ظاهرةٌ اجتماعيةٌ تواصليةٌ تتسمُ بالجديةِ والتشاركيةِ والتفاعلية، وهي وسائلُ للتعبيرِ عمّا يجولُ في خاطرنا، ومنبرٌ حرٌ لمناقشةِ القضايا المحوريةِ والإنسانية، وفضاءٌ متسعٌ للنقاشِ والنقدِ البناء، وهي كذلك همزةُ الوصلِ المفتوحةُ بينَ جلالةِ الملك والمواطنين، حيث يقول جلالته: "تلك التقنياتُ والأدواتُ باتت في غايةِ الأهمية لنا جميعاً، بل وليَ أيضاً، فمن خلالِها أسمعُ أفكارَ المواطنين، وآراءَهم دونَ فلترةٍ للمعلوماتِ أو الآراءِ أو حواجزَ أو قيود". 

تاسعاً:- الدعوةُ إلى التطويرِ المستمرِ للمنصاتِ الإلكترونية، وإلى المراجعةِ الدوريةِ للضوابطِ الأخلاقيةِ والقانونية.

وقد ختمَ جلالةُ الملكِ رسالتَه بجملةٍ من التساؤلات، التي تعكسُ قلقَه وحيرتَه، محاولاً وضعَها أمامَ المتلقين؛ للتحاورِ والتشاركِ في إيجادِ إجاباتٍ عنها، أو البحثِ عن حلولٍ مناسبةٍ لها، مؤكداً جلالتُه أنّ الأوطانّ لا تبنى بالتشكيكِ وجلدِ الذات، ولا بالنيلِ من الإنجازاتِ وإنكارها، داعياً إلى تسخيرِ كلِّ أدواتِ العصرِ التكنولوجيةِ لصالحِنا وإثرائِها بصبغةٍ أردنيةٍ تعكسُ هويتَنا وقيمَنا وأخلاقَنا، التي أنارت مسيرةَ الدولةِ الأردنيةِ منذُ مائةِ عام.

وتحت عنوان "ولا تَمُدنَّ عَينيك" كتبت الأديبة عروبه الشمايلة مديرة الثقافة في محافظة الكرك،  وقالت :

قرأت تحليلا لهذه الآية العظيمة قبل مدّة وظلت حاضرة في البال .. لعلّها تشرح لنا عالمنا اليوم وأقصد بعالمنا اليوم .. عالم السوشال ميديا 

‏تُحيط نفسَك بكلّ هذه الشاشات والأجهزة، فيتقزّم وجودكَ إلى حاسّةٍ واحدة فقط (عَينَين)، أداة لرصد الآخرين، فتغرق بمنجزاتهم وتنسى أن تعيش. 
‏تمدّ عَينَيك، فتُورثُ في نفسكَ حسرةً وحسداً وتمنّياً، مع أنّكَ تملك أكثر من مُجرّد العَينين لتتشرّب معاني هذه الحياة. 

تظلم نفسك، فتُكثِّف مُدخلاتك المعرفية باتّجاهٍ واحد: العَينَين، والعيون تعبير صريح عن: الاطّلاع على الخارج، ابتعاد عن الذاتي والكامن. 

‏فيتضخّم البعيد الذي تُبصره على حساب الوَجدانيّ والشعوريّ والقريب الذي لا تُبصره. 

علق الشرح الذي قرأته في ذاكرتي لأُدرك السؤال هل السوشال ميديا ورثتنا السخط أم الرضا ؟ 

فوجدتُ أننا من نُحدد ذلك .. إذا اردنا أن نعيش سنعيش وإذا اردنا السخط فسنفعل ذلك .. 

كثير من الإنجازات التي توّلد الحسرة والحسد في نفوس الآخرين بمجرد النظر إليها قد تكون وهما .. وقد تكون حصيلة رحلة من الكد والتعب والإجتهاد والألم. 
لا شيء يحصل بالمجان فالمشكلة تكمن في نظرتنا دائما .. 

إذا أردنا أن تكون وسائل التواصل الإجتماعي سلبية فستكون وإذا اردنا عكس ذلك فسيكون .. 
لعلّي أتحدّث لكم من تجربة تحويل السوء إلى إيجاب ، فيوما ما ونحن ندرك ذلك جميعا .. زارنا الوباء وكان الحجر الصحيّ سبيلا في حمايتنا .. انقطع اللقاء وجلسنا كبارا وصغارا في البيوت .. كانت السوشال ميديا هي السبيل في الوصل والإتصال 

فحوّلنا شاشة مديرية ثقافة الكرك لحلقة وصل بيننا وبين الأطفال والشباب والكبار والأدباء والشعراء .. كانت الشاشة الأبرز التي تقدّم العلم والمعرفة والمهرجانات والمسابقات والناس في بيوتهم .. تحوّل الحجر الصحي وضغطه من السوء إلى الإيجاب ب استغلال مواقع التواصل الإجتماعي .. أصبحنا على مقربة أكبر وعلى إتصال حيّ حتى لو باعدتنا المسافة.. 

اليوم نُدرك تمام الإدراك أنّ الإنسان من يقرر ذلك ، إمّا أن يقرر أن تكون مواقع التواصل الإجتماعي نقمته وهو ما نرآه من معرفة ركيكة متصدره وجيل هش يجرّه الإعلان وسفه الأمور وإمّا أن نضبط البوصلة ونكون شريكا حقيقيا في تصدير المعرفة ونحمي الجيل ونصل إليه ..وهذه رسالتنا الأسمى في مديرية ثقافة الكرك.. 

هناك فجوة حقيقية بين الأجيال أحدثتها السوشال ميديا تبتلع الأخلاق والآصالة والمعرفة .. هناك ملايين ك ثروة لشباب لا يعملون شيئا سوا فيديوهات لقصص لا تحمل الإ سوءا وعنصرية وتفرقة .. 

أيننا منهم ؟ وكيف نواجه مثل هذا المحتوى ؟ 
نواجهه ب إعتقادي بتصدير محتوى أصله المعرفة والأخلاق لا تهمشيهم .. فاليوم التكنولوجيا ومواقع التواصل الإجتماعي هي الأصل .. ودورنا كبير في مواجهة هذا العالم وضبط كفّته ! 

فغياب الأخلاق يعني غياب المعرفة ..يعني الإنهيار .. ربما إذا بدأ كل واحد منّا بتحسين قائمة متابعته ثم انتقل الأمر لأهل بيته سنواجه معا القضاء على كل محتوى سيء لا يبث الإ السموم لجيل أبنائنا .. 
فعلينا أن نقف جميعا بإستخدامنا الأمثل لترجح كفة الحكمة والعلم والمعرفة وننقذ الأجيال.

"البركة في المال" عنوان للأديبة رشيدة ٱيت العسري، كتبته على منصة السلع، قالت فيه

كان جدي يحتفظ دوما بريال واحد(خمس سنتيمات) في محفظته، ولما سألتُه عن سِرّ ذلك الريال وما سبب احتفاظه به- مع أنه لا يساوي حتى كسرة خبز- قال: 
هذا الريال البسيط الذي بسخته يا بُنيّتي، يجلب المال الكثير ويطرح فيه البركة!
وقتها لم أفهم مقصد جدي الأمي ولم أدرك الحكمة من كلامه، إلا بعد أن كبرنا وكبرت كل الأشياء من حولنا وتطورت وتغيرت معها عاداتنا وتصرفاتنا ومعاملاتنا ...
أذكر عندما كنت صغيرة وأنا أرافق أمي لشراء بعض الأغراض عند "مول الݣرو"(تاجر الجملة)، ألاحظ كيف تساومه أمي وتعاتبه على ارتفاع الأثمنة وتطلب منه تخفيضها بدرهم أو درهمين..
وما كان يتردد البقال في ذلك بل يقول مبتسما مطأطئا رأسه :"والله ما نردها فوجهك ألحاجة، أنت ديالنا.." وكان يردّ لها الباقي كله وأؤكد عليها "كل الباقي"! في حين أن هذا الباقي المحسوب والمعلوم في زمننا هذا بأحدث وسائل الحسابات المصرفية للنقود، في  الأسواق الكبرى والممتازة- التي تضع الأثمنة الثابتة على المنتوج- غالبا ما يقتطعون درهما أو سنتيمات دون وجه حق ولا خجل! ونحن بدورنا كزبناء "أوفياء" نردّ على تصرفهم هذا بابتسامة رضا كأنّ شيئا لم يحدث حفاظا على "الإيتكيت" (الي خرج علينا)...! ونحن نعلم تمام المعرفة أن ذلك الباقي مآله الأخير في جيب المصرفي... والمثير للعجب والغضب أن لا يتردد هذا الأخير من طلب عشر سنتيمات ( زوج دريال) إن كانت ناقصة مع إصراره على طلبه بدعوى "توازن" الحسابات! متناسيًا أنه أخذ أضعافها من زبون آخر!
وكالعادة دون تدمر أو جدل نخرج السنتيمات بابتسامتنا المعهودة حفاظا على الإيتكيت المزعوم ونقدمها له بصدر رحب دائما..

وهكذا أدركت المغزى من حكمة جدي، الذي يقنع بالقليل جلبًا للوفير؛ من هنا تأتي البركة التي لا تُرى ولا تُحسَب بل تُحَسّ وتُشعَر..
لم تكن لجدي أي علاقة بالحسابات ولا التسويق (الماركتينغ) لا من قريب ولا من بعيد، ولكنه كغيره من أفراد جيله، يُقدّر قيمة الأشياء من جودتها وليس ثمنها، 
يُقدّر قيمة الدرهم ويجعله وسيلة وليس غاية،
مؤتمن كغيره من جيله على الأمانات ولا يقربها ولو بات ليالٍ بلا أكل،
لا يأكل أموال الغير،
لا يسرق ولو جاع،
لا يقترض من المال إلا ما كان بقدرته ردّه.. 
أجدادنا علّمتهم ودرّستهم أخلاقهم كيف يديرون أمورهم بعقلانية: لاضرر ولا ضرار.
ونحن خرّيجي المدارس والجامعات والمعاهد أنظروا كيف ندير أمورنا ؟