آخر الأخبار

قندقجي تكتب عن بجماليون

راصد الإخباري :  
 


الاردن - راصد
كتب عبدالله الحميدي

نشرت الأديبة الدمشقية، هبه قندقجي مراجعة لرواية توفيق الحكيم "بجماليون"

وحازت المراجعة على تقدير واعجاب كبار الأدباء من الوطن العربي، من خلال نشرها على منصة السلع الثقافية التي تستقطب أدباء من مختلف الدول العربية

وتاليا نص المراجعة

أيعقل أن نجد الكمال يوما" أم هو ضرب من ضروب الكذب 
أليس الكمال أحاسيس سامية  ونظرة فائقة التقديس نعيشها فقط في خيالنا ؟.

بجماليون النحات الذي يكره النساء بحسب الإسطورة اليونانية القديمة والذي يتوجس منهن خيفة واللاتي يثرن اشمئزازه ، يصنع تمثالا" بهيا" عظيما" لإمرأة أسماها جيلاتيا لا ينقصه شيء سوى أن تدب فيه الروح .

ويالها من مفاجأة بالغة، إذ يحب بجماليون التمثال ويعشقه عشقا" بالغا" فيهيم به ويجلس معه كل يوم يسامره وينظر إليه نظرة الملاك الحارس .

وفي عيد الآلهة فينوس يذهب إلى المعبد ليقدم قربانه للآلهة كي تدب الروح في تمثاله المعشوق جيلاتيا فتعلو النار ثلاث مرات دليلا" على الاستجابة .
فيعود الى منزله ليجد جيلاتيا زوجته من لحم ودم تنتظره ليعيشا معا" حياة هانئة.

لم يرد توفيق الحكيم أن تنتهي الأسطورة بشكلها التقليدي بطريقة سعيدة ففي الحياة لا يمكن أن نعيش مشاعر واحدة مستمرة لا بد للمل والحزن والهلع أن يدخلا إلى أعماقنا مرات ومرات ف جيلاتيا فرت من منزل زوجها لتدرك معنى الحياة.

 وبعد ان واجه بجماليون  الآلهة فينوس بانها لم تتقن عملها وأحيت  الروح بجوف تمثاله بشكل مبتذل تملؤه النواقص والابتذال تدخل الإله ابوليون ووضع العقلانية والطاعة بعقل جيلاتيا فعادة طائعة محبة إلى زوجها بجماليون .

ولكن يا للأسف لا يوجد كمال مطلق لا بد من النقصان في هذه الحياة الفانية لم يعد بجماليون يرى في حبيبته جيلاتيا سوى امرأة عادية تكنس وتطبخ .

امرأة من فئة النساء الذين مقتهم طيلة حياته لم تعد العظمة والرهبة والسمو والعلو الذي أحس به اتجاه تمثاله العظيم الذي صنعه وعاش معه في خياله أجمل حياة والذي ابحر معه في سرد لقصص لا تنتهي وطاف معه أرجاء الكون باسره في سهرات ساحرة .

فتوسل للآلهة بان يعيدوا جيلاتيا الى تمثال وان يتركوا فنه كما صنعه هو خاليا" من السخافة والرتابة وأعمال الإنسان المبتذلة فما كان من الآلهة إلا أن استجابت لدعائه  وأعادت التمثال سيرته القديمة جامدا "بلا روح .

وما لبث بجماليون أن يقع صريع تقلباته النفسية ويحطم التمثال ويموت جراء صراعاته الداخلية .

هذا هو الصراع الدائم بين الفن الذي يحمل أبهى القيم الانسانية والذي يحيط به الكمال من كافة جوانبه وتسمو به النفس إلى ابعد السماوت وانقاها ،
و الحياة الحقيقية الرتيبة التي تحمل بين طياتها الإبتذال والسخرية والمرارة والتي لا يمكن باي حال ان تعلو علو الفن وان تحلم بالكمال يوما".

انتهت المراجعة.

وقد كتب رئيس ملتقى السلع الثقافي، الصحفي غازي العمريين أن الأديبة هبه،
جادة في العمل، وتكرس وقتها إلى جانب تعليمها العالي، إلى قراءة الكتب العالمية، وبالذات الروايات

فهي، ومع ضيق وقتها، الا أنها تواصل القراءة، وتسجل الكثير من المقاطع الصوتية، لتلك الروايات، مختصرة المسافة علينا، لمعرفة مضامين تلك الروايات

أنه جهد الباحث الجاد، وجهد طالب العلم المخلص، وجهد الأديب الوفي لمهنته وعمله

لأديبتنا الف تحية، ولها نرفع القبعات, تقديرا لما تكتب، ولما تذيع من تسجيلات، همها الاول والاخير، المنفعة العامة.

شكرا الأديبة الواعية 
لدورها الهام في مجتمعنا
العربي، وشكرا لصبرها
ووفقها الله ورعاها

ويكتب د.محمد ناجي عمايره حول قراءته النص، فيقول إن مراجعة رواية توفيق الحكيم تفتح مجالا للإشارة الى الاسطورة اليونانية وتوظيف الاسطورة في الأدب..
وقد سبق الكاتب الايرلندي جورج برناردشو الى هذا الموضوع فكتب مسرحيته الشهيرة بالعنوان نفسه بجماليون. 
والحكيم كتبها كعمل مسرحي نال شهرة واسعة..وبين العملين تشابه واختلاف. 
عرض الأستاذة هبة شائق وقد وفقت في ايجازه والتذكير بعمل مسرحي  أدبي  متميز. 
جهد مقدر وكل الشكر لاديبتنا على هذه المشاركة المتميزة. 

وفي رؤيتها النص قالت المغربية آيات العسري أن الكمال صفة لن يدركها الإنسان لأنها صفة ملازمة لله فقط لا غير
نستشف من هذه الخلاصة. القارئة لرواية توفيق الحكيم أن الإنسان عليه أن يتقبل الآخر كما هو بمحاسنه وعيوبه، حتى يتمكن من العيش دون صراع مع نفسه ولا مع الآخر، وفي ذلك إرضاء لله عز وجل وإيمان به، والله بعد ذلك يجزيه خير الجزاء .
لأنها الدنيا هكذا خلقها الله منقوصة، وهذا أكبر ابتلاء ابتلى به الله الإنسان.

شكرا جزيلا أختنا الأستاذة الأديبة هبة قندقجي على هذه المراجعة المنيرة.
والشكر موصول بك أستاذي الفاضل غازي على النشر المميز

وترى العسري الأديبة المغربية أن النص أخاذ وتقول مهما كان الحب قويا لابد أن  يصيبه بعض الفتور مع مرور الزمن، هذا ما حدث مع بجماليون وجلاتيا
والسبب أنه لم يعد يرى فيها ذاك الجمال والكمال الذي نحتته أصابعه أول مرة، فمع مرور الوقت أصبحت امرأة عادية كالأخريات اللاتي يمقتهن.  

جزيل الشكر أستاذة هبة قندقجي  على هذه المراجعة الرائعة والمشوقة لهذا النص المليء بالمعاني والدروس

ويرى رئيس الجامعة الاردني د.محمد خير الحوراني أنه عرض جميل لقصة جميلة تحمل في ثناياها فكرة و عبرة.
الحب و العشق بمعناه المجرد ضرب من الخيال و في رأيي المتواضع نحن من نصنع معشوقنا و نحن من يضفي عليه صفات القدسية و لهذا من تراه في عينك يستحق حب كل الناس قد تجد في الواقع انه لا يحبه إلا أنت.
و حين تتحول المعشوقة إلى زوجة تبادرك بدلا من الهيام بطلبات البيت  و المشتريات من السوق و إصلاح بعض ما جار عليه الدهر من أركان المنزل و   هنا تتآكل صورة الحبيبة النورانية التي لا تأكل و لا تشرب و لا تكره هي تحب و انت المحبوب.
و لربما لهذا السبب تنتهي قصص الحب المفرط بخيبة آمل و الطلاق احيانا او التظاهر باستمرار المحبة و تقبل روتين الحياة.
ايام الدراسة في أمريكا كان لنا زملاء و زميلات و من خلال الاستمرار في مراسلتهم و الاطمئنان على  أحوالهم  عرفت بأن معظم المتزوجين منهم انفصلوا عن بعضهم و    علقت على هذا الأمر إحدى الزميلات بقولها  : 
It is difficult to actualize love
اي يصعب عقلنة الحب
و في المقابل رأينا فيمن حولنا حالات زواج نادرة السعادة لأنها بنيت على أسس من الفهم و الأهداف و المتطلبات.
ايها المتزوجين و المتزوجات  الحب بحاجة إلى صيانة فكلما اهترأت إحدى مكوناته سارعوا بترميمها.  الأسرة هي اللبنة الأساسية في المجتمع و أعداء الأمة يوغلون فيها هدما  و تمزيقا و صلوات الله على المصطفى" ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيرا له من زوجة صالحة".
و لك اختنا الفاضلة الأستاذة هبه القندقجي فائق الاحترام بأن أثرت كل هذه المعاني.