آخر الأخبار

لقاء حواري حول مسيحيي الشرق بالفكر العربي

راصد الإخباري :  


لقاء حواري حاضر فيه الأب رفعت بدر حول
مسيحيي الشرق وإسهاماتهم الحضارية ماضياً وحاضراً ومستقبلاً
د.بدر: لمسيحيي الشرق إسهامات عديدة في نهضة المجتمعات العربية ونموها واستقرارها وبناء الحضارة العربية الإسلامية
د.أبو حمّور: التعددية من أهم مقومات بناء الحضارة الإنسانية والتعايش السلمي يؤدي إلى استقرار المجتمع 
د.الداود: التجاوزات التي قامت بإسم الدين الإسلامي على مر السنوات ما هي إلا مخططات قام بها أعداء الأمة العربية
د.سابيلا: للمسيحيين تاريخ مميز في مجالات النشر وحركة الثقافة والفنون والنهضة الأدبية في المنطقة العربية
د.النقري: الإسهامات المشتركة العديدة بين المسيحيين والمسلمين تدل على صيغة العيش المشترك في الشرق
د.الشلبي: المسيحية في بلاد الشام عموماً ليست نتاج التبشير بل هي النسخة الأصلية التي انتقلت إلى الغرب
د.جوينات: أهمية العمل على  تطبيق مبدأ المواطنة والتسامح لمعالجة قضايا التفرقة وإدارة التنوع في المنطقة 
سماعين: الديانة المسيحية تشمل الفرد وتركز على محبة الله الحي التي تنعكس على مناحي الحياة كافة 
عمّان - عقد منتدى الفكر العربي، لقاءً حوارياً وجاهياً وعبر تقنية الاتصال المرئي، حاضر فيه مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام الأب د.رفعت بدر حول "مسيحيي الشرق وإسهاماتهم الحضارية ماضياً وحاضراً ومستقبلاً"، وشارك بالمداخلات، في هذا اللقاء الذي أداره الوزير الأسبق وأمين عام المنتدى د. محمد أبو حمّور، كل من: المدير التنفيذي لدائرة الخدمة للاجئين الفلسطينيين في مجلس كنائس الشرق الأوسط من القدس د.برنارد سابيلا، و قاضي بيروت الشرعي من لبنان الشيخ د.محمد النقري، وأستاذ العلوم السياسية في الجامعة الهاشمية د.جمال الشلبي، وأستاذة الإعلام في جامعة اليرموك د.مارسيل جوينات، والصحافية والكاتبة المتخصصة في شؤون حوار الثقافات والسلام المجتمعي الأستاذة رلى سماعين، وحضر اللقاء وشارك فيه أيضاً وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأسبق د.هايل الداود، وعدد من الباحثين والمهتمين.
أوضَح المُحاضر د.رفعت بدر أن لمسيحيي الشرق إسهامات عديدة ومهمة في نهضة المجتمعات العربية ونموها واستقرارها، وبناء الحضارة العربية الإسلامية، وتأسيس الفكر القومي، وإثراء الثقافة والفكر العربي، على الرغم مما تعرضوا له من تهجير قسري في بعض المناطق خلال السنوات الماضية.
وأشار د.رفعت بدر إلى أن المسيحيين العرب يعيشون في شراكة حضارية مع إخوانهم المسلمين في سبيل خدمة الإنسان، والنهضة بالمجتمع الواحد، وتحقيق مفهوم المواطنة، مبيناً أهمية هذه الشراكة في إكمال مسيرة العطاء المشترك، والدفاع عن هوية الشرق مستقبلاً. 
ناقش المتداخلون الإسهامات الحضارية للمسيحيين في الشرق الأوسط، ودورهم في تطوير الحضارة العربية والحفاظ عليها، مؤكدين أن الوجود المسيحي في البلدان العربية ما هو إلا وجود أصيل، وأن المواطنين المسيحيين ينطبق عليهم مبدأ المواطنة، ويتمتعون بكافة الحقوق الإنسانية والاجتماعية والثقافية، وأن المعاناة التي يواجهها المسيحيون العرب هي جزء من معاناة المجتمعات التي يقيمون فيها، وأن إفراغ الشرق من المسيحية يهدد أمن المجتمعات العربية، مؤكدين ضرورة العمل على نشر الثقافة والوعي بأهمية التعددية في الشرق.
التفاصيل:
أوضَح المُحاضر د.رفعت بدر في محاضرته أن للمسيحيين دوراً أساسياً في نهضة ونمو المجتمعات في الشرق الأوسط، مشيراً إلى إسهاماتهم العديدة في المجالات الثقافية والعلمية والاقتصادية والسياسية والعسكرية، وإلى دورهم البارز في تأسيس الأفكار القومية نهاية القرن التاسع عشر، وتفعيلها في سياق الحياة العربية، على الرغم مما تعرضوا له من تهجير قسري في بعض المناطق، ومحاولات إفراغ الشرق منهم خلال السنوات السابقة.
وأضاف د.بدر أن المسيحيين في منطقة الشرق يسيرون على إيقاع البلاد التي يسكنون فيها، ويمارسون عاداتها ويحترمون تقاليدها، ويعيشون في شراكة حضارية مع إخوانهم المسلمين، مشيراً إلى أن مستقبل الشرق وإكمال مسيرة العطاء فيه يكون من خلال التمسك بالشراكة مع المسيحيين، والنظر إلى الشرق بأنه حاضن للتعددية، والعمل على تعزيز قيم المساواة والمواطنة، ومد جسور المودة والتعاون.
وبَيّنَ د.بدر التجربة الأردنية في التعامل مع المكوّنات المختلفة للمجتمع الأردني، ودور جلالة الملك عبدالله الثاني في تعزيز وإحلال السلام على أرض الواقع،  وحصول المسيحيين على حقوقهم المشروعة وفي مقدمتها الاستقرار والأمن الإنساني، مشيراً إلى الدور الذي قامت به الكنائس في تقديم العون والمساعدة للاجئين والمهجرين في الشرق، وتعزيز الحوار السلمي، والدعوة إلى تحقيق العدل والمساواة.
وأشار د.بدر إلى وثيقة "الحضور المسيحي في الشرق:شهادة ورسالة"، التي أطلقها عدد من بطاركة الشرق عام 1992، وإلى مؤتمر العرب المسيحيين في الأردن وفلسطين، والذي قام تحت عنوان "معاً للدفاع عن الأمة"، وإلى الإرشاد الرسولي الذي وقعه البابا بندكتوس السادس عام 2012، "المسيحيون في الشرق شراكة وشهادة". 
ومن جهته قال د.محمد أبو حمّور: إن الحديث عن دور ومكانة المسيحيين العرب يعني الحديث عن نسيج اجتماعي وتاريخي بدأ منذ نزول الوحي على الرسول محمد  عليه الصلاة والسلام، وذهابه إلى القس ورقة بن نوفل الذي اعترف بنبوته، ثم النجاشي الذي كان أول من قدم الحماية للمسلمين الأوائل من أهل قريش ومنحهم الأمن والأمان، مبيناً أن المسيحيين هم أول من طبع القرآن وقدمه هدية للمسلمين بعد اختراع المطبعة؛ وأضاف د. أبو حمّور أن التعددية بأشكالها كافة من أهم مقومات بناء الحضارة الإنسانية، وأن التعايش السلمي ضمن هذه التعددية هو ضمان لاستقرار المجتمع، ولقوة ومنعة الدولة، وأن المعاناة التي يواجهها المسيحيون العرب في بعض بلدان المشرق العربي التي تشهد صراعات لا تقتصر على المسيحين وحدهم، بل طالت المسلمين أيضاً، الأمر الذي يؤكد أن هذه الممارسات تمس الوجود العربي بفسيفسائيته المتنوعة.
وأشار د.هايل الداود إلى أن الدين الإسلامي يدعو إلى المودة والرحمة، وأن التجاوزات التي قامت بإسمه على مر السنوات ما هي إلا مخططات قام بها أعداء الأمة العربية، مؤكداً ضرورة وضع خطط واستراتيجيات للحفاظ على المكون المسيحي في الشرق، والحد من المخططات الصهيونية الساعية إلى تهجير وإفراغ الشرق من المسيحية، وذلك من أجل بيان أن الصراع الصهيوني هو صراع إسلامي – صهيوني وليس صراعاً عربياً – صهيونياً.
وأشار د.برنارد سابيلا إلى أن حب اللغة العربية والحفاظ عليها هو أساس النهضة، وأن للمسيحيين تاريخاً حافلاً في مجالات النشر وحركة الثقافة والفنون والنهضة الأدبية في المنطقة العربية، مشيراً إلى أنهم قاموا بدور أساسي في الحفاظ على اللغة والثقافة العربية، وفي تطور الحضارة في الشرق، وذلك من خلال استقطاب الأديرة للطباعة من أوروبا، مما كان له الأثر في زيادة الوعي بضرورة الحفاظ على اللغة العربية، والتصدي للتحديات الثقافية خلال عهد الحركة العربية ولا سيما خلال الربع الأول من القرن العشرين.
وبَيّنَ د.محمد نقري عدداً من الإسهامات المشتركة بين المسيحيين والمسلمين، وذلك لبيان صيغة العيش المشترك المسيحي الإسلامي في الشرق، ومنها: الحوار بين شيخ المتصوفين السلطان إبراهيم أدهم والراهب سمعان في جبل لبنان، ودعوة البابا يوحنا بولس الثاني للصوم كل آخر جمعة من شهر رمضان المبارك، وفتح أبواب البطريركية للعزاء بوفاة مفتي الجمهورية اللبنانية حسن بن سعد الدين خالد عام 1989، والوثيقة التي تعهد فيها السلطان محمد الفاتح بعدم إكراه المسيحيين على دخول الإسلام حوالي عام 1463.
وقال د.جمال الشلبي: إن المسيحية في بلاد الشام عموماً وفي الأردن على نحو خاص ليست نتاج تبشير، بل هي النسخة الأصلية التي انتقلت إلى الدول الغربية، وأن المسيحيين في الأردن ليسوا أقلية، بل هم جزء من الأكثرية العربية التي يُعرّف الأردن نفسه بأنه جزء منها، مبيناً أن الطبيعة الاجتماعية للمسيحيين في الأردن لا تختلف عن المسلمين، مما يؤكد قوة الدولة حينما يندمج الناس في هوية وطنية تتجاوز الأديان والطوائف وتنبذ الصراعات العرقية والدينية والسياسية.
وتحدثت د.مارسيل جوينات عن إسهامات المسيحيين في المجالات العملية والعملية، وتأسيس عدد من الصحف والمجالات، ومنها: صحيفة "الهلال" المصرية التي أسسها جورجي زيدان في مصر عام 1892، وصحيفة "الأهرام" المصرية التي أسسها سليم وبشارة تقلا عام 1875، وجامعة "القديس يوسف" في بيروت عام 1875، وتأليف المطران يوسف الدبس لكتاب " كتاب "تاريخ سورية"، مؤكدة أهمية تطبيق مبدأ المواطنة والتسامح لمعالجة قضايا التفرقة وإدارة التنوع في المنطقة.
ولفتت الأستاذة رلى السماعين إلى الدور الذي قامَ به المسيحيون في ترجمة الآداب والعلوم الأجنبية إلى اللغة العربية، مشيرةً إلى أن التنوع المجتمعي والديني يعد من أهم الأدوات التي تخدم التطور الاقتصادي والثقافي والسياسي والاجتماعي، وبأن الديانة المسيحية تشمل الفرد كله عاطفياً وعقلياً، وتركز على محبة الله الحي مما ينعكس الأثر على مناحي حياته كافة، كما تؤثر المحبة على كل من حوله وعلى مجتمعه.
هذا وجرى نقاش موسع بين المتحدثين الرئيسيين والحضور حول القضايا التي طُرحت خلال اللقاء.
يمكن متابعة التسجيل الكامل لوقائع هذا اللقاء بالصوت والصورة من خلال الموقع الإلكتروني لمنتدى الفكر العربي www.atf.org.jo وقناة المنتدى على منصة YouTube.