أنهت هيئات قضائية مختصة بقضايا الفساد لدى محكمة صُلح جزاء عمَّان، النَّظر في 4 قضايا بجريمة قبول موظفي الإدارة العامة للواسطة والمحسوبية، من بينها إدانة موظف بقبولها وتغريمه مبلغ ألف دينار.
ويشترط القانون لاكتمال أركان جريمة قبول الواسطة والمحسوبية أن يكون طرفا بها موظف عام، وقد قَبلها فعلا، ويعتبر حكم الإدانة بحقه رادعًا لأنَّ هذه الجريمة هي من الجرائم المخلة بالشرف والوظيفة العامة ويترتب عليها آثار كبيرة حتى لو لم تشتمل العقوبة على السَّجن.
وكالة الأنباء الأردنية (بترا) تتبعت في أروقة المحاكم على مدار عامين أربع قضايا اتهم فيها المشتكى عليهم بجرم قبول موظفي الإدارة العامة للواسطة والمحسوبية التي تلغي حقا أو تحق باطلا خلافا لاحكام المادة 16/أ/7 من قانون هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، وفصلت الهيئات القضائية الحكم فيها بإدانة بعضها وعدم مسؤولية والبراءة في أخرى.
وأصدرت الهيئة القضائية الأولى لدى المحكمة والمختصَّة بالنَّظر في قضايا الفساد برئاسة القاضي شرف أبو لطيفة يوم 28 شباط من العام الجاري قرارا بإدانة موظف حكومي بجرم قبول موظفي الإدارة العامة الواسطة والمحسوبية وقرَّرت تغريمه مبلغ ألف دينار والرسوم والزامه بالنفقات الإدارية والقضائية قرارا وجاهيا قابلا للاستئناف.
وعدَّلت المحكمة وصف الجرم المسند للمُدان من إساءة استعمال السلطة خلافًا لأحكام المادة 16 من قانون العقوبات والحكم عليه بدلالة المادة 16 من قانون هيئة النَّزاهة ومكافحة الفساد إلى جرم قبول موظفي الإدارة العامة الواسطة والمحسوبية.
وفصلت المحكمة بقضية أخرى اتُهم فيها شخصان بقبول الواسطة والمحسوبية، وبعد استماع المحكمة للشهود والبينات ثبُت براءتهما من هذه التهمة وإدانتهما بجرم الاحتيال وحبسهما لمدة ستة أشهر والرسوم وغرامة مالية قيمتها 200 دينار وتضمينهما المبالغ التي حصل كل منهما عليه نتيجة الجرم والبالغة 100 دينار.
واستمعت المحكمة في هذه القضية لثلاثة شهود، ونظرتها المحكمة من خلال جلسات يومية وصدر الحكم فيها بعد شهر من ورودها للهيئة الحاكمة وسيكون الحكم قابلا للاستئناف أمام المحكمة المختصَّة.
وقرَّرت المحكمة في قضية ثالثة عدم مسؤولية موظف عن جرم قبول الواسطة والمحسوبية لانتفاء اكتمال أركان الجرم بحقه، وقررت إنهاء قرار كف اليد عن العمل بحق المشتكى عليه.
وأنهت المحكمة النَّظر في قضية رابعة ادَّعى أحد الموظفين على زميل له بقبول الواسطة والمحسوبية، وبعد استماع المحكمة للأطراف كافة وشهادة الشهود والبينات المقدَّمة لها، تبين عدم مسؤولية الموظف عن هذا الجرم، وإدانة المدِّعي عليه بجرم شهادة الزور.
ولم تتهاون هيئة النزاهة ومكافحة الفساد بقضايا الفساد والمحسوبية التي وردت إليها أو اكتشفتها، وحقَّقت بها، وتوصلت فيها الى وجود شبهات ارتكاب هذه الجريمة، وقامت بتحويل اربع قضايا إلى السلطات القضائية المختصة.
استاذة القانون وخبيرة القانون الدكتورة نهلا المومني قالت لـ (بترا)، إنَّ قانون هيئة النَّزاهة جاء بنص مباشر يُجرِّم الواسطة والمحسوبية ويفرض عقوبات متدرجة ومشدَّدة على من يرتكبون هذا الفعل من موظفي الإدارة العامة.
وأضافت، إنَّ العقوبات تصل الى الحبس مدة لا تقل عن 4 أشهر أو غرامة مالية لا تقل عن 500 دينار ولا تزيد على 5 آلاف دينار أو بكلتا العقوبتين وإن كرَّر المدانون هذه الجريمة يتم إضافة نصف العقوبة المفروضة بالقانون الى العقوبة التي حكم بها في المرة الأولى.
وأكدت أنَّ المشرِّع تدرَّج في العقوبات الخاصة بهذه الجريمة التي تلغي حقا أو تحق باطلا، وهي تحقق الردع العام والخاص في حال تنفيذها بعد ثبوت ارتكابها.
ولفتت إلى أنَّ كل منفعة او عقد أو اتفاق ينتج عن ارتكاب جريمة الواسطة والمحسوبية يصبح باطلًا بقرار من المحكمة، وتستطيع هيئة النزاهة أيضًا الطلب وبصورة عاجلة من المحكمة وقف أي قرار أو منفعة حصلت بفعل الواسطة والمحسوبية احسن صدور قرار قضائي من المحكمة في القضية.
وبينت أنَّ تجريم الواسطة في الأردن جاء بنوعين من النصوص القانونية، أحدها متخصص ومباشر في قانون هيئة النزاهة رقم 13 لسنة 2016، ونصت فيه المادة 16 على أن قبول الواسطة والمحسوبية من قبل موظفي الإدارة العامة يعتبر فسادا ويعاقب مرتكبها بالحبس والغرامة.
وأشارت إلى أنَّ هناك نصوصًا غير مباشرة تجرم الواسطة والمحسوبية جاءت في قانون العقوبات في المادة 176 والتي أشارت إلى جريمة استثمار الوظيفة العامة والتي يعاقب مرتكبها بالحبس من ستة أشهر وحتى سنتين.
وكانت هيئة النزاهة ومكافحة الفساد أطلقت حملة اعلامية توعوية تستهدف مؤسسات الدولة كافة وشرائح المجتمع على مختلف مستوياتها ضد الواسطة والمحسوبية وبيان مخاطر هذه الظاهرة وآثارها السلبية على جميع مكونات المجتمع باعتبارها سلوكا غير سوي يمس بالأمن المجتمعي .
وبينت الهيئة أن مجلسها أكد أن هذه الحملة التي وسمت بشعار "بكفي واسطة ومحسوبية"، وتستمر ثلاثة أشهر، تأتي ضمن سعيها الدائم الى محاربة جميع أشكال الفساد، ونشر قيم النزاهة، انسجاما مع نص المادة 16 من قانون النزاهة ومكافحة الفساد رقم 13 لسنة 2016 وتعديلاته التي تجرم الواسطة والمحسوبية باعتبارهما تلغيان حقا وتحق باطلا .
وأعرب المجلس عن أمله في أن تدعم الوزارات والدوائر والمؤسسات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام كافة، هذه الحملة من خلال التعاون والتنسيق بعقد محاضرات حوارية ولقاءات إعلامية وتوعوية، واستضافة محاضرين من الهيئة بهدف تعزيز الوعي بمعايير النزاهة الوطنية، والتوعية بمساوئ الواسطة والمحسوبية، داعيا هذه الجهات إلى مشاركتها بنشر الاضاءات التوعوية المتعلقة بمخاطر الواسطة والمحسوبية والمقاطع المصورة على مواقعها الإلكترونية الرسمية وصفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي .
وحث مجلس الهيئة المواطنين وموظفي الإدارة العامة على التعاون معها لإنجاح الحملة وأن يكون الجميع على قدر المسؤولية والمساهمة في القضاء عليها من خلال الإبلاغ عن أية حالة واسطة ومحسوبية يشهدونها أو يتعرضون لها، عبر قنوات التواصل التي تتيحها الهيئة سواء على موقعها الإلكتروني (jiacc.gov.jo) أو حساباتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، "تويتر" و "انستغرام" أو بالاتصال الهـاتفي على رقم (06550150) أو الخـط السـاخن ( 0799333769) (0770452855)، أو إرسال رسالة على رقم الواتساب (0797022236).
ويعد اللجوء الى الواسطة والمحسوبية في التعيينات في الخدمة المدنية أحد أهم معايير مؤشر مدركات الفساد العالمي الذي يصدر سنويا عن منظمة الشفافية الدولية، ويحتل الأردن مرتبة متوسطة بين دول العالم في هذا المؤشر ويتقدم على أكثر من 40 دولة عالمية من بين أقل الدول فسادا على مستوى العالم.
ويعد مؤشر مدركات الفساد التصنيف الأكثر استعمالا للفساد على مستوى العالم وهو يقيس النسب المدركة لفساد ساد القطاع العام في كل دولة، طبقا للخبراء وأوساط الأعمال، وتتكون درجة كل دولة من مجموع تركيبة جامعة لثلاثة مصادر بيانات على الأقل مستمدة من 13 مسحا وتقييما مختلفا للفساد، وتجمع مصادر البيانات هذه من قبل مجموعة متنوعة من المؤسسات المرموقة، بما فيها البنك الدولي والمنتدى العالمي الاقتصادي العالمي.
وتعمل الهيئة على مواجهة الواسطة والمحسوبية في الأردن منذ نشأتها، وحولت عددا كبيرا من القضايا للمحاكم والتي بدورها أصدرت أحكام إدانة ضد من ثبت عليه استغلال الوظيفة العامة أو استخدم الواسطة والمحسوبية وألغى حقا وأقام باطلا على حساب الآخرين دون وجه حق.(بترا)