في البداية اوجه التحية والتقدير الى دولة الرئيس فيصل الفايز ، رئيس مجلس الاعيان الاردني. فهو صديق لي، وقد استقبلني في مكتبه وفي بيته، وكان لنا لقاءات اذاعية عبر الهاتف من لندن حول شؤون اردنية عديدة.
وبصفتي اعلاميا اردنيا اعمل في BBC, ولست معارضا او محسوباً على اي جهة، اسمح لي سيدي الرئيس ان اعقب على اتهامك لاذاعتي، - حيث كنت اعمل فيها آنذاك محررا ومذيعا ومترجماً - بانها كانت ذراعاً بريطانيا خلال الحرب على العراق كما قلتَ.
نحن كنا ننقل تطورات الحرب وتحرك القوات مباشرة منن خلال شبكات من المراسلين العارفين باصول التغطية الحيادية والمستقلة، هذا يحسب لها وليس عليها…وعندما كنتُ انا محررا ً مسؤولا عن نشرة الاخبار، لم يكن يقف خلفي مسؤولا للتدخل او الاملاء وإعطاء الاوامر.
في الحرب العراقية التي اشرتَ اليها كانت اذاعتنا تنقل انباء سقوط بغداد بعد ظهور الرئيس الاسبق صدام حسين يغادرها، اما اعلامك فكان يتحدث عن انتصارات القوات العراقية على تخوم بغداد.
اسمح لي ان اسالك من هو ذراع استعمار الشعوب، هل كان بي بي سي ام اعلامك! … الحقيقة مُرَّة عند اعلامك يا سيدي.
.
لماذا كنتَ تستقبل على الدوام اتصالاتنا من لندن للتعليق على الاحداث… هل تذكر ان اول لقاء اذاعي لك بعد الخلوة التي عقدتها مع وزراء حكومتك التي شكلتها 1994 كان معي من لندن…. اجريتُ معك اتصالات عديدة عن قضايا الاردن وعلاقاته مع دول الجوار والحرب على
تفضلتَ بالقول يا سيدي انه لا يوجد اعلام حر في العالم… اوافقك ان الغزو الروسي لإوكرانيا قد قسم الاعلام العالمي الى شرق وغرب ، لكني اقول لك ان الاعلام الحر موجود ولا يتبدل في بي بي سي….
صدقت يا دولة الرئيس … لا اعلام حرّ … نعم حتى عندك في الاردن … إعلامكم يُخفي على الشعب حقائق الامور، وبات اعلاما معروفا بتأليه المسؤول، وتمجيد الحكومة والاشادة بمشاريع وهمية او مواعيد في المستقبل البعيد، كما ان هذه الاجهزة تنتقي ضيوفها وتستبعد الناقدين، حتى اصبح هؤلاء الضيوف وكانهم مقدمو برامج.
انا اتحدث عن الاعلام وليس الصحفيين… صحفيونا في الاردن قادرون على تقديم اعلام حر ومستقل ساعة تكليفهم بذلك.
الم ترَ يا سيدي كيف وقف هذا الاعلام الاردني مشدوها وعاجزا عن الدفاع عن الملك عندما كشفت وسائل الاعلام العالمية حساباته وعائلته في سويسرا، ومستعمراته العقارية في بريطانيا وامريكا… وربما في اماكن اخرى لم يكشف عنها حتى الان " كما تقول تلك التقارير "… التقارير العالمية موثوقة يا سيدي ولا يمكن دحضها او نفيها.
انت مسؤول كبير ومن المفترض ان يكون لك شان بحجمك، " كما وصفك موقع مدار الساعة " لتغيير الخطاب الاعلامي الذي يُفرض على التلفزيون الاردني الرسمي، وقناة المملكة الحكومية، ووكالة الانباء بترا….
قلت يا سيدي انك زعيم عشائري … نعم ولك كل الاحترام…لكني شاهدت مثل كثيرين في الاردن فيديوهات تحدث فيها زعماء ونواب عشائريون في البرلمان، يتهمونك بالتخطيط لنزع العشائر من هوية بلدهم الاردن، وتحويلها الى هوية جامعة، وذَكَّرُوك بان الاردن ليس سوريا ولا لبنان ولا فلسطين… اتهامهم لك واستنكارهم لتوجهاتك يعني " لهم " انك لم تعد زعيماً عشائريا بالمعنى الدقيق.
تفضلت بالقول ان المعلم الاردني اصبح غير مؤهل، فهل هذا يعني - حسب نقابة - حسب عديد من المعلمين - دعوة لتنشيط دور الاكاديمية بدلا من معاهد التعليم المعروفة!!!!.
تحدثتَ عن سوء الخدمات والترهل الاداري في الدولة…. الا ترى يا سيدي انك تتحمل جزء كبيرا من المسؤولية عن هذا العجز، فقد كنت رئيسا لحكومة،ورئيسا لمجلس النواب، وما زلت على رأس عملك رئيساً لمجلس الاعيان.
واعلنتَ اتهامك للامير حمزة " بان ما يقوم به الامير عمل خطير ويعتبر فتنة حقيقية " الفتنة يا سيدي لمن افتعلها وليس الامير حمزة كما يقرأها كثير من الاردنيين لانهم يقولون - الشمس لا تغطى بغربال "… هذه يا سيدي مسألة خاصة بين الملك واخيه، يجب عدم التدخل فيها وصبّّ الزيت على النار.
وأكاد اؤكد سيدي الرئيس ان هناك خللاً كبيرا في المعلومات التي يقدمها لك معاونوك ومستشاروك وانصحك بان تتروَّى كثيرا قبل اطلاق تصريحاتك، لان الاعلام سلاح خطير… فإن احسنت استخدامه خدمك، وإن فشلت قتلك.
ويخالُ اليَّ ان هناك مطامع لكثيرين ممن يحيطون بك او يتوددون لك وهدفهم ان ينالوا شرف اختيارهم اعضاء في مجلسك الموقر.
اخيرا اود ان اقول لسيدي انني تخرجت من مدرسة عسكرية تابعة لجيشنا الاردني المنصور باذن الله، تعلمت فيها ان اكون مخلصًا لبلدي وفياً له، وتعلمت فيها ايضا ان الوطنية الحقّة تضع مصلحة الوطن قبل التقرب من السلاطين او زوجاتهم او ابنائهم او حاشيتهم. ….نعيش نحن…ونموت …ويحيى الاردن.