آخر الأخبار

العمايرة، نحو قراءة جديدة للتل. والطراونه تنصف الشاعر نصيف

راصد الإخباري :  


راصد - عمان
كتب عبدالله الحميدي

لا زلنا في افياء الندوة (١٤) لملتقى السلع الثقافي، ومع د. محمد العمايرة، والدكتورة نعمات الطراونه.. 

فقد كتب الاديب الاردني د. محمد العمايرة عن شاعر الاردن "عرار" نحو قراءة جديدة  لشعره وادله، بينما التربوية الكاتبة. د نعمات الطراونه. فقد اختارت العراقي محمد نصيف مخلف، وتاليا نص د العمايره

شاعر ثائر متفرد ومتمرد على العسف والظلم وغياب العدالة وعلى الاستعماروالانتداب والتجزئة .
شاعر وطني بامتياز وعروبي باعتزاز.
انحاز الى الفقراء وناجز المتسلطين والمرابين والمتنفذين وكان شعره مرآة لحياته وصورة لمجتمعه. اخلص النية واحسن العمل..عانى بقسوة وخبر مشقات الحياة. 
إنه الشاعر الكبير مصطفى وهبي التل المشهور بلقبه الادبي(عرار) الذي اختاره لنفسه.

اطلعت على شعر مصطفى وهبي التل مبكرا في مرحلة الدراسة الأعدادية والثانوية. وقرات ديوانه  "عشيات وادي اليابس " في طبعته الأولى التي اشرف عليها صديقه الشاعر المحامي محمود المطلق عام ١٩٥٤م بعد رحيل عرار بسنوات.

كما قرات بعد ذلك كتاب   (عرار شاعر الاردن) لمؤلفه الأستاذ يعقوب العودات الملقب بالبدوي الملثم وفيه شيء كثير عن حياة مصطفى وهبي التل و حكاياته مع شعراء عصره ودوره  السياسي والاجتماعي ومطارحاته الشعرية في ديوان الأمير المؤسس عبدالله بن الحسين وكثير من قصائده السياسية والاجتماعية والغزلية..واتصاله بمجتمع النور او الغجر  واهتمامه الشديد بحياتهم التي تمثل  في رايه ، مجتمع العدل والمساواة والحرية :
(الكل زط مساواة محققة 
تنفي الفوارق بين الجار والجار )
ومضت الأيام فالتحقت بالدراسة الجامعية في كلية الآداب بالجامعة الاردنية عام ١٩٦٧م ..وخلالها كان اول بحث تقدمت به إلى استاذي في الأدب العربي الحديث الدكتور عبد الرحمن ياغي عن( ملامح التجديد في شعر عرار )، فقد لاحظت تلك الملامح في بعض قصائده التي اقتربت من شعر التفعيلة ،ومنها قصيدة "يا حلوة النظرة " التي نشرها عام ١٩٣١م.
اي قبل السياب ونازك الملائكة والبياتي بسنوات عديدة. 
وهذا، في رايي،  كان يشير إلى ان البيئة العربية كانت مستعدة للتغيير في المجال الشعري والادبي والثقافي مثل استعدادها آنذاك للتغير السياسي الذي ما لبث ان أتى سريعا. 

وقد لفت نظري اختلافه عن غيره من الشعراء صياغة واسلوبا ومضمونا.

 ومع ان شهرة شاعرنا المبدع قد طبقت الآفاق كما يقولون، إلا ان حياته وشعره وسائر كتاباته النثرية ، ما تزال في حاجة إلى مزيد من البحث والتقصي والدراسة ،وتقليب اوجه النظر.

 لقد تتابع اهتمامي بشعر  عرار بعد ذلك في مراحل تالية من حياتي وإلى اليوم. 
وانا اعزو هذا كله إلى ما يمثله شعر عرار من اختلاف مع السائد ورفض للهيمنة ودعوة إلى التحرر والانعتاق والعدالة والمساواة والكرامة.

 إن الاهتمام  بعرار وحياته وشعره لم يتوقف بل هو في ازدياد وتطور  .وقد اهتم الصديق الدكتور زياد الزعبي استاذ الأدب الحديث في جامعة اليرموك بتحقيق آثار مصطفى وهبي التل الشعرية والنثرية وقدم في ذلك اطروحة ماجستير .لكنه واصل جهوده وما يزال. ويعتبر الدكتور الزعبي مرجعا في ذلك. 
كما ان هناك بحوثا وفصولا من كتب عن شاعرنا لأساتذتنا الكبار الراحلين الدكتور ناصر الدين الأسد والدكتور هاشم ياغي والدكتور محمود السمرة الذي نشر طبعة ثانيةمحققة من ديوان عرار العشيات، وللدكتور  سمير قطامي ،  والدكتور فايز صياغ، وغالب هلسا والدكتور خالد الكركي وعبد الله رضوان وغيرهم مساهمات مماثلة. 
كما نشر الأستاذ أحمد أبو مطر كتابه الشاعر اللامنتمي عن عرار..ولعل العنوان لم يكن مفهوما بوضوح وإن كان المضمون يوضحه. 
كما كان من اهتمام جامعة اليرموك بالشاعر انها خصصت لعرار كرسيا اكاديميا يوفر مزيدا من الدراسات والبحوث عنه.
وقد خصص آل التل بيت العائلة في اربد ليضم ضريح الشاعر وسائر مقتنياته وسموه بيت عرار.

 إن القراءة المنشودة لشعر عرار وحياته ينبغي ان تتابع تلك الدراسات والبحوث والكتب التسجيلية لتصل إلى التعمق في سبر اغوار شعره والتعرف إلى اثر حياته في ذلك .
وانا ارى انه عميق مما يجعل نظرية موت المؤلف النقدية غير ملائمة بل قاصرة عن النفاذ إلى قيمة شاعرنا الأدبية ومعانيه العميقة ومقاصده الثرية. 
فلابد من توضيح مناسبات القصائد وجلاء الموقف السياسي او السلوك الاجتماعي، والبعد الطبقي الذي يعكسه فيها. 
وحين نتحدث عن موقف الشاعر المعارض 
ينبغي أن نميز بين رفضه للانتداب الأجنبي وممارساته الظالمة وبين نقده القاسي للحكومات وبين علاقته بسمو الأمير عبد الله والأسرة المالكة. وفي المواقف الاجتماعية وخاصة من جماعة (النور) من جهة والطبقة الفقيرة من جهة وتعنيفه الشديد للمرابين والاثرياء فموقفه محسوم إلى جانب الفقراء والطفارى والمساكين بلا تحفظ. 
(قولوا لعبود عل القول يشفيني
إن المرابين إخوان الشياطين 
وانهم لا اعز الله طغمتهم 
قد اطلعوا 
رغم تنديدي بهم ديني)

وحبه لوطنه وامته لا يتجزأولا يتزعزع. 
(موطني الأردن لكني به 
كلما داويت جرحا سال جرح 
وبودي نزحة عن ارضه 
لو يداوي جرحي النازف نزح )
(يقول عبود جنات النعيم  على أبوابها حارس يدعوه رضوانا
من ماء راحوب لم يشرب وليس له
ربع ب "جلعاد " او حي ب  "شيحانا")... ولا تأردنه يوما بمحتمل 
ولا لتقديسه الأردن إمكانا..)

 وإذا كنت اضم صوتي الى صوت الدكتور زياد الزعبي بان هناك حاجة الى مزيد من الدراسات النقدية  والبحوث عن شاعرنا الكبير، فإن مايفسر هذه الحاجة هو  ظهور الطبعة الثانية من ديوان العشيات التي  اشتملت على قصائد عديدة  كثيرة لم تنشر سابقا و التوسع في نشر اعماله النثرية واماليه وترجمته الرائعة لرباعيات الخيام وهو الذي درس اللغة الفارسية خصيصا للترجمة الرباعيات وكتابه عن الخيام وفلسفته..وكتابه المستوفى عن النور.
وارى في الختام أن اشير الى بعض المعلومات المتصلة بحياته .
فقد ولد عرار إربد في ٢٥ أيار عام  ١٨٩٩م
وتوفي في التاريخ نفسه من عام ١٩٤٩م.
وتلقى تعليمه الابتدائي في أربع ثم في مدرسة عنبر في دمشق وابعد عنها مرتين الى بيروت والى حلب  بسبب نشاطه السياسي ضد الحكم التركي مرة وضد الانتداب الفرنسي مرة ثانية..وقد واصل في حلب جزءا من دراسته ليعود فيتمها في دمشق..وفي كل هذا كان ناشطا سياسيا و داعما لقضايا الامة ووحدتها. 
وقد عمل معلما في عدة اماكن من الاردن وتركيا ثم شغل مراكز في وزارة العدل والداخلية وكان مدير ناحية في الشوبك و متصرفا لمدينة السلط  ورئيسا للتشريفات الملكية في الديوان العالي ..ثم درس الحقوق دراسة خاصة واصبح محاميا معروفا.وشغل موقع المدعي العام ومامور الإجراء وغيرذلك..وظل وفيا لمبادئه والقيم التي آمن بها.وسجن عدة مرات ونفي الى العقبة لسنوات..بسبب مواقفه السياسية. 
اما عن اللقب الذي اختاره لنفسه فهو عرار بكسر العين. نسبة الى عرار بن عمرو بن شاس الأسدي الذي كانت توفيت امه فتزوج ابوه غيرها فكانت تضطهد عرارا وتكرهه..فنظم والده قصيدة منها:
(أرادت عرارا بالهوان ومن يرد عرارا لعمري بالهوان فقد ظلم ). وكان عرار الاول شابا متمردا فارسا شجاعا فصيحا..فاراد مصطفى التل ان يتشبه به لتشابه   حاله مع ابيه وزوجة ابيه والخلافات التي طالت بينهم واثرت في حياته .
واما اسم ديوانه فهو (عشيات وادي اليابس)
وهو الآن قريب من عجلون شمال الأردن..وتغير اسمه إلى(وادي الريان )
وكلمة (عشيات ) اسم الفتاة الغجرية التي كان يتغزل بها وليست جمع عشية.حيث كان يتردد على مضارب النور او الغجر في ذلك المكان الخصب. وفي ذلك قال عرار:
يا بنت واد قد دعوتك باسمه
 وإليه نسبت تبركا ديواني 
اهلوك قد سلبوك كل فضيلة 
وانا كحالك حارسي سجاني

 ويبقى لدي ما يقال لكنني اتركه إلى فرصة اخرى  معتذرا عن الإطالة. 
ولكم جميعا كل الشكر والتقدير والاحترام

وكتبت الاديبة د. نعمات الطراونه، للشاعر محمد نصيف مخلف
الذي ولد في بغداد عام ١٩٦٤م
وتاليا نص الورقة: 
اسم عراقي كبير وصوت عروبي نقي نظيف يأتيك مجلجلا من قاع الصمت ليأخذ بيد بغداد الجريحة ويزرعها على حافة الشمس وينفض من عينيها خرائط البؤس والموت وينثر شعرها ربيعا على دروب اليبس .. انتقل إلى الأردن حاملا معه هموم العراق وجروحه، وتبنى الدفاع عن الوطن في القصيدة العمودية والشعر الفصيح لما يحمله من بساطة في التعبير وجزالة في المعنى. 
نصيف الذي يؤمن بأن القصيدة العمودية صعبة للغاية، وجدها اللون الأدبي الأجدر بتناول العراق وما عاشه ويعيشه من معاناة وتهجير وتمزق، حيث صدر ديوانه الأول بعنوان «الأزهار تموت في آذار» وأعاد نشره في طبعة جديدة، فيما حمل ديوانه الثاني عنوان «على أجنحة الجراح»، ويعمل اليوم مذيعاً ومقدماً للبرامج في قناة الرافدين الفضائية، جامعا بين الهم السياسي والعالم الإبداعي في الشعر.
وخــابَ مَـنْ لـَمْ تـكـُنْ بـغـدادُ تـَشْـغـَـفـُه ُ حـبـًّا ومَـنْ لــيـسَ بـالـعــشـّاق ِ يـلــتـَحِـقُ
هــلـّـي عــلـيــنـا صــبـاحـاً مـلــؤهُ ألـــقُ بـغـــدادُ يـا مَــنْ إلــيـهــا يـنـتــمـي العـبـقُ
نـامـي على صـدريَ الـدافـي ولا تـَهـُـني فـأنــت وحـــدَكِ مــن يـحــلــو بـهـا الأرقُ
فـمـا عـَشِـقـْتُ ضـيـاءً نـالَ مـن غـسـقـي إلاّ إذا كـان مـن عـــيـــنـــيــكِ يــنــطــلــقُ
فـاضـتْ على الصـدر أشـواقي تسابـقـُني إلـيـك ِ فانـطـلـقــتْ فـي الـريـح ِ تـخـتـفـقُ
كالـمــوج ِ هــادرة ًحـيـن اعـتـلـتْ أفـقـي أمـسـيـتُ فــيـهـا شـراعـاً لــفـّـهُ الـغـرقُ
كـم غِـيـظ َ حـسـادُنـا قـالـوا الهوى لـعـبٌ فــمـا بـذاكَ يـكـونُ الــســهـــدُ والـقـلـقُ
إلاّ إذا أحــــرقَ الــعـــشـّــاقَ حـــبـُّـهـُـــمُ وجــادَ بـالــدمــع ِ مــن تـلــقــائــه ِ الحـدقُ
مـن قــال عــنـّي بـأنـّي لـسـتُ مـحـترقـاً ولـم تـُـذقْ كــبــدي مــن حــرِّهــا الـحــــرقُ
هل تعـلـمــونَ بـمـا جــادتْ مــدامــعـُـنــا حـتى لـضـاقــتْ بـدمـعـي واشـتـكـتْ طـرقُ
أكــانَ ذاكَ لأنّ الــصــمــتَ يـســكــنـُـنـِي لـم أخـبـر ِ الــنـاسَ عـمـّـا فــيَّ يـحــتـرقُ
ما مِنْ طباعيَ أنْ أشكو الجـوى جـَزعـاً ولا الـتـشـكـّي مـن الأحــزان ِ لـي خـُـلـُـقُ
فـهــكــذا خـُلـِقـَتْ فــيـــنـا طــبــائــعـُــنـا عـلى الأسـى واحــتــدام ِ الـوجـد ِ نـأتــلـقُ
هـلـّي لـنـمـضـي لـعـلـي أرتـجـي وطـنـاً حـيـثُ الـطـيـورُ وحـيـثُ الــشمسُ والـعـبـقُ
وحـيـثُ لا تـُفـسـدُ الأحــلامَ صـحـوتـُـنـا ولا يــكــدّرُ عــذبَ الــبــوح ِ مـُـفـْـــتـَــرقُ
لنـمـلأ َ الـكـأسَ طـيـبـاً مِـنْ صـبـابــتِــنا فـيـرتوي مِنْ كؤوس ِ الطيب ِ مَنْ عَـشِـقـُوا
ونـَلـبـسَ الـعــشــقَ أثـوابــاً نـدورُ بـهـا بــيــنَ الـمـدائــن ِ كـالأطـفـال ِ نـَســتـَـبـِـقُ
نقول ُ للناس ِ هـذا العـشـقُ فـاعْـتـَنـِقـُوا فـإنـَّـه ُ خــاســـرٌ مَــنْ لــيــسَ يـَعـْــتـَـنـِـقُ
قال إن سنواته التي قضاها في الأردن صهرته بالحياة الأردنية ولها الأثر الكبير في ذلك وأعطته مساحة واسعة من الحب الذي حمله إلى فضاء الأدب، فاطلع على تجارب الإبداع للأردنيين وأعجب بكثير منها، ولكن ما شده أكثر تجربتا الشاعرين عرار وعويس لما يجمعهما من خط ثوري وعروبة دافقة وتمسك بالتراث الأدبي العربي والتلوين في المواضيع بين الوطن والمرأة ومعاناة الحياة وعمق الأحزان التي تكاد تطفو على كلماتهما فعندما قرأ ديوان "عشيات وادي اليابس" لعرار "وأجراس الرحيل" لعويس كان يتحسس جراحهما وما تركته الظروف القاسية من بصمات تتوزع هنا وهناك بين القصائد ومآسي الوطن تتغلل بين الحروف فوجد قواسم مشتركة تربطه بهما لا سيما الهم العربي الذي كان المصدر الرئيس الذي نهلت منه حروفهم طعم الألم، وكثيراً ما تقاطعت هواجس الوجع بينهم والحسرة على ما تمر به الأمة العربية من تمزق واحتراق وضياع وغياب لدورها الحضاري والإنساني فتمازج الجراح فيما بينهم ووشائج المودة التي تربطه بالمجتمع الأردني شكلا الدافع الأكبر لكتابة رثاءاته في مبدعي الأردن.
من خلال قراءته العميقة لأشعار عرار واطلاعه على سيرة حياته وجد ما يغريه في هذا الشاعر، وأولها أنه يكتب للوطن والمرأة، وكثيراً ما وجده تائها في آفاقهما، ويسرح في طرق الوصول إلى لحظات الصفاء والدفء معهما، كما هو الحال معه، فلطالما اجتمعت المرأة والوطن في كتاباته، فضلاً عن السمو الذي كان يبحث عنه في الحياة والغربة التي يتقاسمها الشعراء، حتى وإن كانوا في أوطانهم والحرمان الذي كثيراً ما حال دون ما يطمحون إليه من آمال. حيث كان يخاطب نصيف في عرار الحكيم العاشق فهو لم يكن صعلوكا ماجنا كما يحاول بعضهم أن يصوره بل كان متوقد الذهن حتى في لحظات نشوته ويتجلى ذلك في بيته من قصيدة بين الخرابيش الذي يقول فيه: بين الخرابيش لا عبد ولا أمة.. ولا أرقاء في أثواب أحرارِ فهو هنا يبحث عن فضاء مفتوح للحرية وربما وجده عند الغجر حيث الحرية بلا سقف.
ينتمي نصيف إلى أمة عريقة مسحورة بالفروسية والرجولة وهي تحلم منذ زمن بعيد في أن تنهض من جديد وتنفض عنها غبار الهوان وتسترجع حقها الطبيعي في التطلع والسمو وتوقف رعاف الدم وسكب الدمع، فكل من يعمل على تحقيق حلم هذه الأمة في أن يعيد لها زهوها ومجدها ويمزق ليل الظلم ويلبسها ثوب الإباء والكبرياء، فإنه بذلك ينتصر له قائداً كان أم حاكماً، فهو بعمله هذا يؤكد على أنه يحمل مشروعاً حضارياً وإنسانياً نبيلاً تشتاقه الأمة منذ انحسار آخر نجمة من سماء الزهو العربي. أما ما يدور في الساحات العربية من طوفان فيسميه موسم الثورات العربية وهو أولى من تسمية الربيع لأن الربيع محتم على أن يعقبه صيف وخريف ويسرقان منه بريقه أما الثورة إذا كانت حقيقة فهى كفيلة بأن تكون الفصل الوحيد الدائم البريق والتجدد في المناخ العربي، ونحن بحاجة إلى تجديد دماء الأمة التي أفسدها الظلم والتبعية للأجنبي، وهذا لا يتحقق إلا بالثورة والإصلاح، ولكنه  مع ثورة الشعوب الصافية التي لا تدنس طهرها التدخلات المريبة من قبل الأعداء ومريدي الفتنة والانتهازيين الجبناء، ممن يتربصون في الأقبية المظلمة لينقضوا على أحلام الشعوب ويسرقوا تضحياتهم. وهو متفائل على الرغم مما ينتابه من خوف على تلك الثورات.
في الذكرى السابعةِ والعشرين ليوم ِ الشهيد ِ الذي أعلـِنَ تخليداً للأسرى العراقيينَ الذينَ أعـدمَهُم العدو الفارسي في 1/12/1981عندما كانوا يدافعونَ عن حرائر ِ العربِ على البوابةِ الشرقية ِللوطن ِ العربي..فإلى الذين كانوا أكرمَ منـّا جميعا, أزفُّ هذه القصيدة َ عروساً في يوم ِعرسـِهم...
....................................................الشاعر والإعلامي محمد نصيف
.........عرسُ الفداء

قـصـصُ الـهـوى أشبعتـَها سُهـدا .....وهــمــــومُ قـلـبـِكَ فاقـتِ الـعـــــدَّا
كنتَ المحـبَّ فـرحـتَ تـنسـجُ مــنْ ......سـعــفِ النخيل ِ لحبِّـكَ الـمــهـــــدَا
أدركــتَ إنَّ الـحــبَّ تـضـحـــيــــة ٌ ....ما فــــازَ مـَـنْ لــم يحـفـظ ِ الـعهــدَا
فـــوعــــدتَ هـــــذي الأرضَ أنـــكَ .. ..مُفــديهــا فـكـنـتَ المنجز َ الـوعــدَا
فـزحـفــتَ نحوَ الــروع ِ مـنـتفـضاً .....سـيـفاً تـلـظـّـى خـاصـمَ الـغـمــــــدَا
ولـَبــِسـتَ ثــوبَ الكـبـريـاء ِ فـلـم.......تخــشَ الــردى إنْ كــانَ لا بـُـــــدَّا
وركِبتَ موجَ الموتِ دونَ هـدى.......فـَغـَـدوتَ في وجــهِ الردى ســـــدَّا
ونـَزَفـَتَ فـي كـلِّ الخـطوب ِ دماً.....فـَنـَمـَا على جـرح ِ الــهـــوى وردَا
هــدهــدتَ جـرحَـكَ ما شـكـوتَ بـه......ألــمــاً ولم تـسـألْ له ضَـمـْـــــــــدَا
وجعـلتَ مِـنْ ثـغـر ِ الجـراح ِ صــدى ...لنـداء ِ عـِشْـقِـكَ يكـسـرُ الـقـيـــــــدَا
ورحـلـتَ في صـمـت ِ السجودِ وفيكَ.... شــذى العـراق ِ مُعـَـطـّـر ٌ خـَـــــــدَّا
حـفـّـتْ بــكَ الــقــامــاتُ صـامـتـة ً...والحـزنُ يحـصـد ُ صـبـرَها حـصـدَا
يـبـكـونَ لا ضـعــفـاً ولا جـَـــزَعـَاً ...فالـدمـعُ يـغـسلُ سيلـُه ُ الوجـــــــدَا
كـنـتَ الكـريــم َ وكـنــت َ أوســعـَــنا ....رفــــداً لــقـد عـلـّمـتـَـنا الرفـــــــــدَا
كنـتَ الـرشــيــدَ وكـنـتَ أعـمـقـَــنا .....عـلـمـاً حـَـسَــدْنا عـنـدكَ الـرُشـْـــدَا
قـد فـُـقــتــَنا حـِـلـْمـاً سـَـمَـوتَ بــهِ ......مـا ضـــمَّ يـومــاً قـلبـُكَ الحقـــــــدَا
إرحــلْ شـهــيــداً فــارســـاً بطــــلاً ...أهــديـــتَ أحــــــــــلامَ الــعـــدا وأدَا
إرحــلْ ســمـوتَ الـى الـسـمـا مَـلـَكَــا....قـد كـنـتَ فـي ركــــبِ العلـى فــَـرْدَا
فـي جـنـّـةِ الـفــردوس ِ فــــزتَ بـهـا .....فإهـنأ كــريـمـاً واسـكــنْ الخـُــلـْـــدَا
ومـلائــــكُ الـرحـــمـــــن ِ هــاتـــفـــة ٌ.....بـشــراكَ يـا مـَـنْ عــانـقَ المَجْـــــدَا
وعـــــدًا مِـــنَ الله ِ الـعـــزيـــــز ِ وإنّ ...اللهَ دومـــــاً صـــــــادقٌ وَعـْــــــــــدَا